قالت د.رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، إن العلاقات المصرية الألمانية سواء على صعيد التجارة أو الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والتعاون الإنمائي، تصب في النهاية في تعزيز رؤية وأولويات الحكومة لتحقيق السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك مع ريم العبلي، وزيرة ألمانيا للتعاون الاقتصادي والتنمية، التي تزور مصر لأول مرة منذ توليها منصبها في الحكومة الألمانية الجديدة.
مبادلة الديون من أجل التنمية
وذكرت أن برنامج مبادلة الديون بين مصر وألمانيا، يمثل نموذجًا فعالًا وعلامة فارقة في جهود التعاون الإنمائي بين البلدين، حيث تبلغ قيمته 340 مليون يورو، من بينها شريحة جديدة بقيمة 100 مليون يورو سيتم تفعيلها في نهاية العام الجاري ومنتصف العام المقبل، موضحة أنه رغم النداءات العالمية بأهمية هذه الآلية لدعم الدول النامية، إلا أن مصر استبقت تلك النداءات من خلال تنفيذ هذا البرنامج مع الجانب الألماني. وساهم البرنامج في تمويل مشروعات متنوعة في مجالات التعليم الفني، والصحة، والعمل المناخي، وبناء القدرات، والتوسع في مدارس التكنولوجيا التطبيقية، إلى جانب مشروعات المياه والصرف الصحي.
التعاون الإنمائي بين مصر وألمانيا
كما أوضحت أن من أهم محاور علاقات التعاون الإنمائي بين مصر وألمانيا، دعم مشروعات المنصة الوطنية لبرنامج «نُوفّي»، التي أطلقتها مصر في مؤتمر المناخ COP27، حيث خصصت ألمانيا 258 مليون يورو ما بين تمويلات ميسرة، ومنح، ومبادلة ديون، لدعم تحسين وتطوير شبكة الكهرباء، وإضافة مشروعات الطاقة المتجددة على الشبكة القومية، بما يدعم تنفيذ مشروعات البرنامج التي تبلغ قدراتها 10 جيجاوات طاقة متجددة حتى عام 2028.
ضمانات الاستثمار وجهود التحول الأخضر
وأبدت وزيرة التخطيط، تطلعها إلى مزيد من التطور على صعيد العلاقات المصرية الألمانية خاصة من خلال آلية ضمانات الاستثمار مع الاتحاد الأوروبي +EFSD، التي أطلقناها خلال مؤتمر «التمويل التنموي للقطاع الخاص»، والتي من المُقرر أن تُسهم في زيادة حجم ضمانات الاستثمار الأوروبي، من خلال مؤسسات التمويل الدولية المختلفة، بما يجذب المزيد من الاستثمارات المباشرة من القطاع الخاص المحلي والأجنبي في مصر.
وذكرت أن رؤية مصر للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة الخضراء تحتل أولوية في العلاقات المصرية الألمانية، وذلك من خلال تشجيع الاستثمارات الأجنبية في هذا المجال، وفي هذا الإطار فقد أتاح صندوق PtX Development Fund المموَّل من خلال بنك التعمير الألماني KfW، تمويلات لشركة سكاتك النرويجية بقيمة 30 مليون يورو لتمويل مشروع الهيدروجين الأخضر في مصر بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
حيث يضم المشروع عددًا من الشركاء الرئيسيين، وهمScatec، Fertiglobe، أوراسكوم للإنشاءات، صندوق مصر السيادي (TSFE)، والشركة المصرية لنقل الكهرباء. كما يعتمد المشروع على الطاقة الشمسية والرياح لإنتاج نحو 70 ألف طن من الأمونيا الخضراء سنويًا، مما سيُسهم في تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو 140 ألف طن سنويًا، وتوفير أكثر من1300 فرصة عمل.
الوكالة الألمانية للتعاون الدولي
ونوهت بأن مصر وألمانيا تقوم بتوسيع نطاق التعاون الثنائي من خلال الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) في عدد من القطاعات ذات الأولوية بما يشمل تطوير التعليم الفني، وإدارة الموارد المائية، وتنمية المجتمعات المحلية، ودعم ريادة الأعمال وتمكين المرأة، موضحة أن تطوير التعليم الفني جزء من شراكتنا الفعالة مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي GIZ لدعم الأولويات الوطنية في زيادة التشغيل.
أوضحت أن الوكالة الألمانية للتعاون الدولي، ساهمت في توفير الدعم الفني، لتدشين الأكاديمية المصرية الألمانية للتدريب التقني EGT Academy بالتعاون مع شركة سيمنس للطاقة ومصلحة الكفاءة الإنتاجية والتدريب المهني في مصر التابعة لوزارة الصناعة، بهدف توفير فرص التدريب المهني للمهندسين والفنيين في جميع الصناعات إضافة إلى تمكينهم من تطوير مهاراتهم في مجموعة متنوعة من الموضوعات، بما في ذلك السلامة في بيئة العمل وحلول التشغيل الآلي ومحاكاة ظروف العمل الواقعية.
وأكدت المشاط أن المؤتمر الصحفي المُشترك والزيارة التي تقوم بها الوزيرة الألمانية لمصر، التي تعد الأولى للوزيرة لدولة خارج أوروبا، هى إعادة تأكيد على الشراكة الوطيدة بين البلدين رغم التحديات الإقليمية والعالمية، موضحة أن البلدين يتمتعان بشراكة استراتيجية لتعزيز التعاون الاقتصادي، تمثل نموذجًا للتعاون القائم على الثقة والمصالح المشتركة، وتتجاوز الطابع التقليدي نحو شراكة استراتيجية شاملة، كما تُعد ألمانيا واحدة من أكبر شركاء مصر في أوروبا في مجالات التعاون الإنمائي، والتجارة، والاستثمار.
وأشارت إلى تقرير «فرق أوروبا» الذي استعرض الشراكة بين مصر ودول الاتحاد الأوروبي وأطلقته مصر بداية عام 2024 خلال فعاليات مجلس الشراكة المصرية الأوروبية في بروكسل، مضيفة أن مصر ترتبك بشراكة استراتيجية شاملة مع الاتحاد الأوروبي، وفي قلب تلك الشراكة فإن ألمانيا تعد واحدة من بلدان فريق أوروبا وتُمثل أساسًا قويًا لهذا التعاون، موجهة الشكر للجانب الألماني على الدعم الكبير من أجل إتمام آلية مساندة الاقتصاد الكلي ودعم الموازنة مع الاتحاد الأوروبي.
ولفتت إلى الاجتماع الثنائي الذي عقدته مع الوزيرة الألمانية، استكمالًا لمناقشاتنا خلال المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية بإسبانيا، لبحث تنفيذ مخرجات المؤتمر، ومستجدات الشراكة بين مصر وألمانيا وسبل الارتقاء بها في المستقبل في ضوء العلاقات الوثيقة بين البلدين، مشيرة إلى أن النماذج المبتكرة للشراكة المصرية الألمانية كانت محل إشادة كبيرة في المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية بإسبانيا
واستعرضت العلاقات المصرية الألمانية على صعيد القطاع الخاص، حيث تُسهم الشركات الألمانية من خلال الاستثمارات المباشرة بدعم جهود التنمية في مصر، خاصة في مجالات الطاقة والتحول الأخضر والتنمية الصناعية والبنية التحتية، حيث يتواجد حوالي 1600 شركة ألمانية مستثمرة بجهورية مصر العربية، بحجم استثمارات يتجاوز 6 مليار يورو، وعلى رأسها: سيمنز ومرسيدس بنز مصر وبايروساب وديورافيت مصر ولينوي وبوش، مؤكدة أن ألمانيا تُعد أحد الشركاء الرئيسيين لمصر على صعيد التجارة والاستثمار، حيث يصل حجم التبادل التجاري لنحو 6.8 مليار يورو.
وفيما يتعلق بعلاقات التعاون الإنمائي أكدت أن مصر وألمانيا تتمتعان بعلاقات شراكة وثيقة أصبحت محل إشادة عالمية سواء من خلال التمويلات التنموية الميسرة، والدعم الفني، والمنح، وآلية مبادلة الديون.