أمنية ممدوح: الفن ليس زينة.. بل سلاح ناعم يدافع عن حق مصر التاريخي في النيل.
وسط زخم مشاريع التخرج التي تتنوع بتنوع التخصصات والاهتمامات، يلمع أحيانًا عملٌ فنيٌّ لأنه يحمل قضية ورسالة تتجاوز حدود القاعة الدراسية وتخاطب وجدان المجتمع بأسره.
هذا ما فعله مشروع "إرث النيل" للطالبة أمنية ممدوح، ابنة الفرقة الرابعة بقسم النحت شعبة العرائس والأقنعة، كلية الفنون الجميلة بجامعة أسيوط.
مشروعها لم يكن مجرد مجموعة من الأقنعة المصممة ببراعة، بل كان حوارًا رمزيًا بين حضارات ثلاث... حوارٌ يتوسطه نهر النيل كشاهدٍ على التاريخ، ومصدرٍ للحضارة، وحقٍّ مصري أصيل.
في هذا الحوار ل "صدى العرب" وجريدة "السوق العربية" ، تفتح أمنية قلبها وعقلها، وتكشف كواليس عملها، ودوافع اختيارها، والتحديات التي خاضتها لتُخرج هذا المشروع إلى النور.
وإلى نص الحوار...
ـ بدايةً، ما الذي دفعكِ لاختيار نهر النيل كمحور لمشروع تخرجك؟
أمنية: لأن النيل مش مجرد نهر... ده شريان حياة لمصر من آلاف السنين، شاهد على حضارات قامت وسقطت، وباقٍ لحد دلوقتي ،حسيّت إننا في الزمن ده بقينا ننسى قيمته، فحبيت أرجّع النظر ليه، وأسلط الضوء على أهميته من خلال الفن.
ـ هل كان لديكِ هدف أو رسالة معينة تحاولين إيصالها من خلال "إرث النيل"؟
أمنية: أيوه، هدفي كان واضح... إن النيل مش بس مسألة جغرافيا أو مياه، ده إرث حضاري وثقافي بيوحّد شعوب ، ومصر ليها فيه تاريخ طويل لازم يُحترم ويتحافظ عليه، الرسالة إن الفن يقدر يبقى وسيلة وعي.
ـ كيف تعاملتِ مع النيل كرمز في عملك؟ هل ركزتِ على جانبه الطبيعي أم التاريخي أم الثقافي؟
أمنية: حاولت أدمج التلاتة سوا. استخدمت ثلاث شخصيات رمزية: قناع فرعوني، قناع عروس النيل، وقناع أفريقي. كل واحد فيهم بيحمل بعد معين... الفرعوني بيعكس التاريخ، وعروس النيل بتجسد الأسطورة والعاطفة، والقناع الأفريقي بيعبر عن الامتداد القاري للنهر، وده الحوار اللي كنت عايزة أعرضه للجمهور.
ـ ما الأسلوب الفني الذي اخترتِه لتنفيذ المشروع؟ ولماذا؟
أمنية: اشتغلت بأسلوب معاصر يجمع بين الرمزية والمسرحية ،الأقنعة نفسها بتتحاور، كأنها شخصيات على خشبة مسرح، ده ساعدني أوصل المعنى بشكل بصري قوي، وسهل يلمس الناس من غير ما يحتاجوا شرح طويل.
- حدثينا عن الخامات التي استخدمتها، وكيف خدمت فكرتك؟
أمنية: استخدمت خامات زي الخشب، القماش، ألوان، والبوليستر.. كان مهم تبقى الخامات خفيفة علشان أتحكم في تفاصيل العرض بسهوله ،كمان كل قناع ليه ديكور بسيط حواليه بيمثل الخلفية الحضارية بتاعته، علشان يكتمل المعنى البصري.
ـ خلال بحثك، هل شعرتِ أن الفن المصري الحديث أنصف النيل في أعماله؟
أمنية: بصراحة لا ..النيل موجود في بعض الأعمال، بس مش دايمًا في الصدارة، رغم إن ليه قيمة كبيرة وتاريخ طويل، الفن مش دايمًا بيظهر ده..يمكن عشان الناس مش واخدة بالها قد إيه النيل كنز لازم نحتفي بيه أكتر.
ـ هل استعنتِ بمراجع أو مصادر معينة أثناء الإعداد؟ وما أكثر ما أثّر فيكِ؟
أمنية: أيوه، رجعت لأساطير عروس النيل، وكمان مراجع عن الفنون الأفريقية. أكتر حاجة لمستني إن النيل كان في أوقات بيتعبّد، وده بيبيّن مكانته العظيمة. النهر ده مش مجرد مصدر ماء... ده كان إله عند ناس كتير.
ـ ما التحدي الأكبر الذي واجهكِ أثناء تنفيذ "إرث النيل"؟
أمنية: التحدي الأساسي كان إزاي أوحّد التلات شخصيات في رؤية واحدة من غير ما أخلّيهم يذوبوا في بعض، كل شخصية ليها طابعها، وكان لازم أحافظ على خصوصية كل واحدة، وفى نفس الوقت أظهر الوحدة في فكرتهم.
ـ كيف كان استقبال المشروع بين زملائك وأساتذتك؟
أمنية: الحمد لله، ردود الفعل كانت جميلة جدًا، أكتر تعليق أثر فيا كان من حد قالي "إنتي حافظتي على ملامح كل شخصية بوضوح، وكل واحدة باينة وبتعبر عن حضارة كاملة."، وده خلاني أحس إن المجهود ما راحش هدر.
- لو سنحت لك الفرصة لعرض العمل على جمهور أوسع، أين تتمنين عرضه؟
أمنية: أتمنى أعرضه في متحف للفن المصري المعاصر، أو مركز ثقافي كبير بيهتم بالفن والفكر عاوزة المشروع يوصل لجمهور متنوع، من طلاب، وفنانين، ومثقفين، عشان يفتح نقاش حول النيل كموروث.
ـ أخيرًا، كيف ترين دور الفنان التشكيلي اليوم في حماية الهوية النيلية والثقافة المصرية؟
أمنية: الفنان مش دوره إنه يرسم حلو وخلاص، الفنان صوت... صوت للهوية والتاريخ ،إحنا عندنا كنوز حقيقية زي النيل، لازم نفضل نعبّر عنها ونحميها من التجاهل أو الضياع، وده مش هيحصل غير بالفن والفكر معًا.
ـ كلمة أخيرة...
أمنية: الفن مش رفاهية... الفن وعي ورسالة، وأنا فخورة إني قدرت أشارك برسالة بسيطة من خلال مشروعي، وأتمنى أكمّل المشوار ده وأوصل بيه لأبعد من جدران الكلية.