بدأت الحكومة السورية، صباح السبت، تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في محافظة السويداء، وسط تصاعد الاشتباكات بين قوات العشائر والفصائل المحلية، مما يثير مخاوف جدية بشأن مصير الاتفاق ومستقبل الاستقرار في المحافظة الجنوبية.
يأتي تنفيذ الاتفاق بعد أسبوع دامٍ خلّف أكثر من 900 قتيل، وفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، في واحدة من أكثر جولات العنف دموية منذ سنوات. ويتضمن الاتفاق، الذي تم بوساطة أردنية – أمريكية – سورية، ثلاث مراحل رئيسية تشمل فض الاشتباك، إدخال المساعدات، وعودة مؤسسات الدولة.
تفاصيل المراحل الثلاث
المرحلة الأولى بدأت بفض الاشتباك بين المجموعات المسلحة داخل المدينة وقوات العشائر، إلى جانب إطلاق سراح المعتقلين وإخلاء المحتجزين. أما المرحلة الثانية فتشمل تشكيل لجنة طوارئ وزارية لتسريع دخول المساعدات الإنسانية والطبية، وإصلاح البنية التحتية، فيما تتضمن المرحلة الثالثة إعادة انتشار تدريجية لقوات الأمن الداخلي، وعودة مؤسسات الدولة للعمل تحت سيادة الحكومة السورية.
قوى العشائر تسيطر وفصائل ترفض
رغم الإعلان الرسمي، لا تزال الاشتباكات مستمرة في أحياء عدة بالمدينة، أبرزها المساكن، عين الزمان، الثورة، ودار الجرة، حيث أحرزت قوات العشائر تقدمًا ميدانيًا ملحوظًا. وأكدت هذه القوات التزامها بالاتفاق الحكومي، لكنها اشترطت عدم الانسحاب حتى تستكمل قوات الأمن الرسمية انتشارها الكامل.
في المقابل، تسود حالة من الانقسام في صفوف الفصائل المحلية، بعد رفض الزعيم الروحي الشيخ حكمت الهجري للهدنة، ومغادرته المدينة إلى بلدة قنوات، ما تسبب في انسحاب عدد كبير من المقاتلين التابعين للفصائل.
نداءات إنسانية من داخل السويداء
مع استمرار المعارك، وجه سكان محليون مناشدات عاجلة لفتح ممرات إنسانية، بسبب تدهور الأوضاع المعيشية الناجم عن انقطاع الكهرباء والماء، ونقص الإمدادات الطبية والغذائية، بفعل الحصار المفروض وحظر التجول.
اجتماع ثلاثي في عمّان: دعم سياسي ومخاوف أمنية
بالتزامن مع هذه التطورات، عُقد في عمّان اجتماع ثلاثي ضم وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، ونظيره السوري أسعد الشيباني، والمبعوث الأميركي الخاص توماس باراك، لمتابعة تطورات الميدان في السويداء.
وأكد البيان المشترك دعم الاتفاق، مع التشديد على ضرورة الالتزام بوقف إطلاق النار، وتعزيز المصالحة المجتمعية، وضمان وحدة سوريا وسيادتها. كما رحب المشاركون بتعهد الحكومة السورية بمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات بحق المدنيين، ومحاربة الطائفية وخطاب الكراهية.
اتفاق سوري – إسرائيلي خلف الكواليس؟
في تطور مفاجئ، أعلن المبعوث الأميركي توماس باراك عن التوصل لاتفاق منفصل لوقف إطلاق النار بين سوريا وإسرائيل، دون الخوض في تفاصيل إضافية، ما أثار تساؤلات حول وجود تنسيق إقليمي أوسع مرتبط بالأحداث الجارية في الجنوب السوري.
سيناريوهات ما بعد الاتفاق
يبقى نجاح الاتفاق رهينًا بمدى قدرة دمشق على فرض سيطرتها الأمنية والإدارية، والتزام الفصائل المختلفة ببنوده، وسط بيئة معقدة اجتماعيًا وأمنيًا. كما ستُشكل استجابة المجتمع الدولي، وخاصة الأطراف الراعية للهدنة، عنصرًا حاسمًا في تثبيت الاستقرار طويل الأمد.
ختامًا، تدخل السويداء مرحلة دقيقة من التفاوض العسكري والسياسي، في ظل شبح التصعيد الدائم، ووسط ترقب محلي ودولي لما ستؤول إليه الأيام المقبلة.
