تعكس إستراتيجية إيني للاستكشاف والإنتاج رؤية متكاملة، دمجت بين أهداف زيادة الإمدادات، والتعامل مع تحديات التكلفة، ومحاولة مواكبة أهداف الطاقة النظيفة في الوقت ذاته.
وعلى مدار سنوات مهّدت هذه الإستراتيجية الطريق إلى "إيني"، لتنافس كبريات شركات الطاقة العالمية، وتواصل انتشارها في أصول دول مختلفة للتوسع في نطاق التنقيب.
وتستهدف إيني رفع حصة الغاز في محفظتها إلى 60%، مقابل 40% للنفط بحلول نهاية العقد (2030)، حسب تحليل تابعته منصة الطاقة المتخصصة (الصادرة من واشنطن).
ومن بين محاور إستراتيجية إيني للاستكشاف والإنتاج كان "سياسة الاستكشاف المزدوجة" أبرز ما يميزها، إذ أسهمت في تعزيز موارد الشركة من الهيدروكربونات دون وقوعها تحت ضغط التكلفة المرتفعة.
سياسة الاستكشاف المزدوجة
تهدف سياسة الاستكشاف المزدوجة، إلى ضمان مواصلة شركة إيني التنقيب عن النفط والغاز، دون التقيد بالصعوبات والتحديات المالية.
ويجري ذلك عن طريق تركيز الشركة جهودها في استكشاف الأصول، وفي مرحلة لاحقة تفتح المجال للشراكات في بعض الحصص، مع احتفاظها بصفة (المشغل).

وتضمن هذه السياسة منافع متبادلة لأطراف الصناعة، فمن جهة لا تتحمّل الشركات المتعاونة عبء الاكتشاف في مراحله الأولى (إذ تباشر إيني هذه الخطوة)، ومن جهة أخرى تؤمّن الشركة الإيطالية شركاء ماليين وتقنيين للتطوير دون التنازل عن حصتها ودورها الرئيس.
وبدأت "إيني" التسويق لهذه السياسة منذ عام 2013، ورغم أنها كانت سياسة متعارفًا عليها وليست بالجديدة، فإن مردودها كان قويًا.
وكانت النتيجة النهائية للسياسة الاستثمارية مزدوجة أيضًا، بزيادة احتياطيات وموارد الشركة وجذب عوائد مادية، بدلًا من الوقوع في فخ "التكلفة" الذي يُعطّل عمليات الاستكشاف والتنقيب.
مكاسب استثمارية
تلقت إستراتيجية إيني للاستكشاف والإنتاج دعمًا من السياسة المزدوجة للشركة، المطبّقة على بعض الأصول مثل:
- حقل ظهر المصري
باعت إيني 40% من حصتها في حقل ظهر المصري عام 2017، وُزعت بين روسنفط الروسية (30%)، وشركة النفط البريطانية بي بي (10%).
- حقل بالين في ساحل العاج
باعت الشركة 30% من حصتها في حقل بالين البحري بساحل العاج، إلى شركة فيتول خلال العام الجاري.
ومنذ عام 2014 حتى الآن، عزّزت سياسة الاستكشاف المزدوجة عوائد الشركة بنحو 6 مليارات يورو (6.98 مليار دولار أميركي)، يمكن إعادة استثمارها في مشروعات المنبع.
(اليورو = 1.16 دولارًا أميركيًا)
وعلى صعيد الأصول، توصلت إيني إلى موارد جديدة تُقدّر بنحو 1.2 مليار برميل مكافئ العام الماضي، ليصل حجم إضافات الاستكشافات منذ عام 2014 حتى الآن إلى ما يزيد على 9 مليارات برميل مكافئ.
وقدّرت الشركة متوسط تكلفة هذه الموارد بما يعادل دولارًا واحدًا فقط للبرميل، حسب ما نقله عنها تحليل لموقع إنرجي إنتليجنس.
منافسة سوقية قوية
كانت إستراتيجية إيني للاستكشاف والإنتاج داعمة لمسيرتها في إضافة موارد جديدة لمحفظتها، وخلال العقد الماضي كانت لها بصمات مؤثرة في اكتشاف حقول: ظهر المصري، وكرونوس القبرصي، وبالين في ساحل العاج.
وفي الوقت الذي تراجعت فيه قدرة شركات نفط كبرى على إضافة احتياطيات واكتشافات جديدة لمحفظتها، كانت "إيني" تعمل على:
- زيادة عمرها الاحتياطي (مدى كفاية الموارد حال التوقف عن ضم موارد جديدة) إلى ما يتراوح بين 4 و10 سنوات، حسب ما أعلنته الشركة نهاية العام الماضي.
- تحقيق نسبة استبدال (نسبة احتياطيات الاكتشافات الجديدة إلى الإنتاج الفعلي خلال المدة ذاتها) فاقت شركات كبرى، مثل: بي بي، وشيفرون، وتوتال إنرجي.
وسبق أن أكّد الرئيس التنفيذي للشركة كلاوديو ديسكالزي، أن سياسة الاستكشاف المزدوجة توفر فرصًا يمكن بيعها والاستفادة منها، وأخرى تتيح لـ"إيني" التعاون مع شركات طاقة كبرى.

وأشاد بنك "باركليز" بتوسع إيني في الاستكشافات، وتعزيز نمو أصول المنبع، بسرعة أكبر من شركات الطاقة الأخرى التي تتمتع بقيمة سوقية كبيرة.
ورغم هذه الخطوات، فإن محللين شككوا في قدرة "إيني" على مواصلة الإنفاق الاستثماري بالوتيرة ذاتها، واستندوا إلى تراجع تقديرات الشركة لمخصصات الاستكشاف من 1.5 مليار يورو حتى عام 2027، إلى تخفيض بقيمة 500 مليون يورو.
إستراتيجية إيني للاستكشاف والإنتاج
بجانب سياسة الاستكشاف المزدوج والتعاون مع كبريات الشركات في تطوير الأصول، تتضمن إستراتيجية إيني للاستكشاف والإنتاج محاور أخرى، من بينها:
1) التركيز على الأصول القوية
تنتشر أصول إيني في قارات عدة، وحدّدت الشركة بعض المواقع ضمن نطاق خطط الاستكشاف حتى عام 2028.
وتشمل هذه المواقع: الجزائر، وأنغولا، وساحل العاج، وإندونيسيا، والمكسيك، وناميبيا، والنرويج، وشرق البحر المتوسط.
ويأتي هذا بجانب التركيز على الآبار عالية التأثير، والأحواض الحدودية، والحقول القريبة من البنية التحتية.
وقال كلاوديو ديسكالزي إن خطط الاستكشاف في ساحل العاج مشجعة، خاصة في حقلي بالين وكالاو، مضيفًا أن الفرص عالية التأثير تتضمّن ليبيا أيضًا، بالإضافة إلى التنقيب البحري في مواقع أخرى.
2) دعم الاندماج والشركات الفرعية
تملك إيني كيانات فرعية تابعة لها بحصص مختلفة، مثل:
- شركة فار إنرجي (Var Energy)
في ديسمبر/كانون الأول 2018، أزاحت إيني الستار عن شركة "فار إنرجي"، نتيجة الاندماج بين بوينت ريسورسيز وإيني في النرويج.
وتملك إيني ما يتراوح بين 63 و69% من "فار إنرجي"، بخطة حفر استكشاف لموارد الجرف القاري النرويجي تضم 19 بئرًا استكشافية خلال العام الجاري، وجارٍ العمل على 6 منها بالفعل.
- شركة أزول إنرجي (Azul Energy)
في مارس/آذار 2022، أعلنت شركتا "إيني" و"بي بي" تشكيل "أزول إنرجي" المشتركة بحصة متساوية قدرها 50% لكل منهما، للتركيز على الأعمال في أفريقيا، خاصة أنغولا وناميبيا.

3) التركيز على الغاز
تتضمّن إستراتيجية إيني للاستكشاف والإنتاج زيادة مستهدفات الغاز، من 54% العام الماضي إلى 60% في 2030، لتقفز إلى 90% من إجمالي إنتاج الشركة من هيدروكربونات المنبع بحلول 2050.
وتوصلت شركة أزول إنرجي التابعة لإيني إلى اكتشاف غاز "تاريخي" قبالة سواحل أنغولا، الإثنين 14 يوليو/تموز الجاري، بتقديرات أولية تصل إلى تريليون قدم مكعبة من الغاز و100 مليون برميل مكثفات.
ومن الممكن -أيضًا- إسهام الأصول في شمال أفريقيا وشرق المتوسط بزيادة الإنتاج.
وأنعشت إيني الإيطالية وتيرة الاستكشاف في حوض غدامس الليبي نهاية العام الماضي، بعد توقفها لمدة 10 سنوات إثر الصراعات السياسية الداخلية، وتتطلّع الشركة لحفر بئر استكشافية عميقة للغاية في حوض سرت العام الجاري أيضًا.
وتعوّل الشركة على فوزها بتطوير أصول غاز في الجزائر خلال جولة المناقصة للعام الماضي، بالتعاون مع شركة "بي تي تي" التايلاندية.
كما أبرمت إيني اتفاقًا مع "سوناطراك" لتعزيز الاستكشاف في منطقة زمول.
ويأتي هذا بالإضافة إلى إحراز نجاح في اكتشافات بإندونيسيا، وتعزيز الشراكة مع شركة بتروناس الماليزية.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر: