لا شيء يظل مدفونا إلى الأبد، حتى أبشع الجرائم لا يمكنها أن تختبئ طويلا خلف ستار الزمن، إذ تكشف الرياح أسرار الأرض مهما حاول القاتل أن يدفنها معها، هكذا أزاحت أجهزة الأمن بالجيزة الستار عن واحدة من أكثر الجرائم غموضا في إمبابة، حين تمكنت من حل لغز اختفاء رجل خليجي امتد لعامين كاملين، انتهى مصيره بين نيران مشتعلة وعظام مسحوقة، في قلب مزرعة بمنطقة الريف الأوروبي بمدينة الشيخ زايد.
غياب واتصال
بدأت القصة ببلاغ تلقاه رئيس مباحث قسم شرطة إمبابة بمديرية أمن الجيزة من أسرة مسن خليجي يدعى «عبدالله ع»، يبلغ من العمر 83 عامًا، أبلغوا فيه عن اختفائه المفاجئ منذ عامين، بعدما انقطع الاتصال به تماما، ولم يزد الطين إلا بلة اتصال غامض ورد إلى أسرته، أبلغهم فيه متحدث مجهول بأن عبدالله لا يريد التواصل معهم مجددا، تاركا خلفه أسئلة تلد أخرى.
مصيدة الموت
ما إن وصلت خيوط البلاغ إلى أيدي رجال المباحث حتى انطلقت التحريات في كل اتجاه، لتكشف خبايا مرعبة، فقد قاد فريق البحث إلى رجل يدعى «صابر»، صاحب مكتبة، ادعى للضحية أنه يملك فرصة ذهبية لاستثمار أمواله في تجارة الملابس.
وبحيلة خبيثة، استدرجه إلى مزرعة وسط هدوء الريف الأوروبي بمدينة الشيخ زايد، حيث لا يعلو هناك صوت فوق صوت الريح.
ضربة وكوريك
في تلك البقعة البعيدة عن الأعين، أسدل «صابر» ستار النهاية على حياة المسن الثمانيني، باغته بضربة قاتلة على الرأس مستخدما «كوريك» كان في متناول يده، ثم أشعل النار في جسده ليخفي معالم الجريمة، وقبل أن تبرد بقايا عظامه، طحنها بنفس الأداة، ليقنع نفسه أنه طمر الحقيقة إلى الأبد بين حبات التراب.
سقوط القاتل
أحكم رجال المباحث خطواتهم، وبعد استصدار إذن النيابة، حاصروا «صابر» بأدلة لا تقبل التشكيك، انهار المتهم أمام مواجهتهم، معترفًا بجريمته كاملة مؤكدا أنه استولى على 25 ألف جنيه كانت بحوزة الضحية وقت الجريمة، ثم دفن رفاته المتناثرة داخل المزرعة، وبإرشاده، انتشلت الأجهزة الأمنية ما تبقى من عظام الرجل الذي أكلت النار ملامحه، لكن عجزت عن إحراق الحقيقة.
وتم اتخاذ كل الإجراءات القانونية اللازمة حيال الواقعة، وتولت النيابة العامة مباشرة التحقيقات التي أمرت بنقل الرفات الي مصلحة الطب الشرعي ومضاهات البصمة الوراثية DNA للمجني عليه بأحد أفراد أسرته.
كما طلبت النيابة تحريات المباحث التكميلية حول الواقعة وأمرت بحبس المتهم 4 أيام احتياطياً على ذمة التحقيقات وجدد قاضي المعارضات حبسه 15 يومًا أخرى وجار استكمال التحقيقات.