شركات أمريكية تضع خطة لإحياء قطاع الطاقة في سوريا بعد رفع ترامب العقوبات

في تحرك لافت يمهّد لعودة الاستثمارات الأمريكية إلى سوريا، أعلن جوناثان باس، الرئيس التنفيذي لشركة "أرجنت" للغاز الطبيعي المسال، أن شركته دخلت في شراكة مع شركتي "هانت إنيرجي" و"بيكر هيوز" الأمريكيتين لإعداد خطة رئيسية لإعادة تأهيل قطاع النفط والغاز والطاقة في سوريا، الذي دمّرته الحرب المستمرة منذ 14 عامًا.

وتأتي هذه الخطوة عقب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أواخر يونيو، برفع العقوبات المفروضة على دمشق، ما مثّل تحولًا جذريًا في السياسة الأميركية تجاه سوريا.

خطة إحياء قطاع الطاقة في سوريا

أوضح باس، أن التحالف الثلاثي بدأ العمل فعليًا على خطة شاملة لإعادة بناء البنية التحتية للطاقة في البلاد، ترتكز على تحسين القدرة التوليدية وتطوير خدمات الإمداد بالطاقة في المدى القريب، ضمن رؤية أوسع لإنعاش الاقتصاد السوري، مشيرًا إلى أن الجهود ستشمل مجالات متعددة على امتداد سلسلة القيمة في قطاع الطاقة، بدءًا من الاستكشاف والإنتاج، وصولاً إلى إنشاء محطات توليد الكهرباء، من بينها محطات تعمل بتقنية الدورة المركبة، حسبما صرح لـ وكالة «رويترز».

وأكد باس أن هذه الخطوة تمثل بداية لانخراط واسع النطاق للشركات الأمريكية في سوريا، الدولة التي خضعت لأحد أشد أنظمة العقوبات خلال العقود الماضية،مضيفًا: «نحن نبدأ بوضع خطة رئيسية شاملة للطاقة وتوليد الكهرباء في سوريا، استنادًا إلى تقييم أولي للفرص المتاحة لتحسين الأداء في الأجل القصير»، مشددًا على أن التنسيق يجري مع كافة أصحاب المصلحة المعنيين.

ورفض باس الخوض في تفاصيل دقيقة بشأن الأنشطة المقبلة، مؤكدًا أن المناطق الواقعة غرب نهر الفرات – الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية – ستكون نقطة الانطلاق في تنفيذ الخطة، في حين يظل شرق البلاد، الغني بموارد النفط، تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أمريكيًا.

تسارع وتيرة الانفتاح على السوق السورية

تُظهر هذه التطورات تسارع وتيرة الانفتاح على السوق السورية، إذ سبق أن اندفعت شركات من دول الخليج نحو توقيع اتفاقيات لإعادة بناء البنية التحتية للطاقة والموانئ، ففي مايو الماضي، وقّعت دمشق مذكرة تفاهم مع شركة "يونيون كاربايد القطرية" بقيمة 7 مليارات دولار لإنشاء أربع محطات طاقة تعمل بالغاز، إلى جانب محطة طاقة شمسية بطاقة 1000 ميجاوات في جنوب البلاد.

وفي هذا السياق، كتب وزير المالية السوري، يسر برنيه، في منشور على "لينكد إن"، أن الشركات الثلاث شكّلت تحالفًا للاستثمار في سوريا وتطوير قطاع الطاقة، معتبرًا أن هذه الزيارة تشير إلى اهتمام متزايد بين الشركات والمستثمرين الأميركيين بالتعامل مع سوريا.

وأشار باس إلى أن وفدًا أمريكيًا رفيع المستوى، ضم الرئيس التنفيذي لشركة "هانت إنيرجي"، هانتر إل. هانت، ومسؤولًا تنفيذيًا كبيرًا من "بيكر هيوز"، وصل إلى سوريا بطائرة خاصة صباح الأربعاء، والتقى ببرنيه في الوقت الذي شنّت فيه إسرائيل سلسلة غارات جوية على دمشق، هزّت العاصمة.

وأضاف باس أن هذا المشروع يمثل تتويجًا لجهود متواصلة بدأها منذ زيارته إلى دمشق في أبريل الماضي، حيث التقى بالرئيس السوري أحمد الشرع، مشيرًا إلى أن اللقاء جاء بدعم كبير من قيادات إقليمية، بينها تركيا والسعودية، وأنه ساهم في إقناع ترامب باتخاذ قرار رفع العقوبات.

غير أن تصاعد العنف مؤخرًا في محافظة السويداء الجنوبية، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 321 شخصًا بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، يهدد بتقويض هذه الجهود.

وقال باس، تعليقًا على الأوضاع الميدانية: "العمل في سوريا ليس سهلًا.. هناك حفر وخنادق، وإذا لم يكن لديك فريق مستعد لقبول هذه التحديات، فلا تأتِ".

وبينما لم تُعلن بعد تفاصيل الخطة الاستثمارية الكاملة، تُعد هذه المبادرة من أكبر التحركات الأمريكية في ملف إعادة الإعمار السوري، ما قد يمهّد لتغيرات جيوسياسية واقتصادية كبرى في المنطقة، في حال نجاحها في تجاوز العقبات السياسية والأمنية القائمة.