واصل جناح الأزهر بمعرض الإسكندرية الدولي الكتاب جهوده، في ظل تصاعد الانتهاكات التي تطال دور العبادة حول العالم، لم يكن العدوان الصهيوني الأخير على كنيسة العائلة المقدسة في غزة سوى حلقة جديدة في سلسلة الاعتداءات الوحشية التي تستهدف أماكن السكينة والروح، ضاربة بكل القيم الإنسانية والدينية عرض الحائط، ويأتي هذا الاعتداء ضمن سجلٍ دموي طويل، دأب فيه الكيان الصهيوني على تدنيس المقدسات، سواء كانت إسلامية أو مسيحية، في انتهاك سافر لكل المواثيق والأعراف الدولية.
وفي إطار جهوده المتواصلة لمواجهة مثل هذه الجرائم، ونشر قيم التسامح ونبذ الكراهية، يقدّم جناح الأزهر الشريف بمعرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب، كتابًا توثيقيًا وتحليليًا بعنوان: "جرائم استهداف دور العبادة.. دراسة تحليلية لأبرز الجرائم خلال الفترة من 2015 إلى 2019"، وهو من إصدارات مرصد الأزهر لمكافحة التطرف.
ينطلق الكتاب من حقيقة إنسانية راسخة، وهي أن دور العبادة –على اختلاف دياناتها– ليست مجرد مبانٍ، بل هي رموز روحية وملاجئ للطمأنينة والسكينة، تتلاقى فيها الأرواح على مائدة الإيمان، وتلتقي فيها القلوب طلبًا للسلام الداخلي، بعيدًا عن ضجيج العالم وضغوط الحياة.
ويشير الكتاب إلى أن احترام دور العبادة لم يكن يومًا محل خلاف بين العقلاء، بل هو قاسم مشترك عبر التاريخ الإنساني، حيث توجّهت جميع الأديان والثقافات إلى تقديسها وحمايتها. كما يؤكد الكتاب أن الإسلام شدد على حماية دور العبادة –سواء كانت مساجد أو كنائس أو معابد، وجعل ذلك واجبًا شرعيًا، انطلاقًا من مبدأ حرية العقيدة التي كفلها القرآن الكريم.
ويبرز الكتاب أن الاعتداء على دور العبادة لا يستهدف جماعات دينية بعينها فقط، بل يمثل عدوانًا على جوهر الهوية الإنسانية والدينية والثقافية للمجتمعات، ما يستوجب تكاتف الجميع – مؤسسات وأفرادًا – للتصدي لهذه الانتهاكات الخطيرة، والعمل على حماية المقدسات من أي عدوان.
ومن خلال رصد وتحليل دقيق لأبرز الجرائم التي وقعت خلال الفترة ما بين 2015 و2019، يصنّف الكتاب المعتدين على دور العبادة إلى صنفين رئيسيين؛ أولهما أولئك الذين تلبّسوا بالدين زورًا، وارتدوا عباءة الإسلام ليفتكوا بالناس في مساجدهم وكنائسهم ومنازلهم، مستخدمين فتاوى التكفير والادعاء بالجهاد لتبرير جرائمهم، وهؤلاء هم الإرهابيون الذين شوّهوا صورة الإسلام وتجرأوا على خالقهم، ولم يسلم من بطشهم أحد، أما الصنف الثاني، فهو من يحمل كراهية صريحة تجاه الآخر، ولا يعترف بتعايش ولا يؤمن باختلاف، وهؤلاء تمثلهم حركات اليمين المتطرف في بعض دول الغرب، ممن يتعصبون لهوياتهم العرقية والدينية ويستهدفون المسلمين وغيرهم في مقدساتهم وأماكن عباداتهم.
ويؤكد الكتاب أن مواجهة هذه الظاهرة ليست فقط مسؤولية دينية، بل واجب أخلاقي وإنساني، وأن حماية دور العبادة جزء أصيل من صيانة الكرامة الإنسانية. وبهذا الإصدار، يعزز الأزهر الشريف دوره في مقاومة خطاب الكراهية، ويدعو العالم إلى التكاتف من أجل مستقبل يتسع للجميع، قائم على الاحترام المتبادل والتعايش المشترك.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.