تحيي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، اليوم الثلاثاء 15 يوليو، ذكرى رحيل القديس الأنبا بيشوي، أحد أشهر قديسي برية والملقب بـ”الرجل الكامل” و”محبوب مخلصنا الصالح”، وهو اللقب الذي أطلقه عليه المسيح نفسه، حسب ما ورد في التقليد الكنسي.
ويُعد القديس أنبا بيشوي من العلامات الروحية الخالدة في تاريخ الكنيسة، إذ عاش حياة رهبانية عميقة قوامها الزهد والتأمل، حتى استحقّ أن يظهر له المسيح أكثر من مرة، كما يُروى في سيرته، وأن يغسل قدميه بيديه المباركتين، مكافأة على طهارة قلبه وتواضعه الشديد.
نشأته وحياته الرهبانية.. من بني سويف إلى قلالي وادي النطرون
وُلد القديس الأنبا بيشوي في عام 320م تقريبًا، في مدينة شِنشِيف التابعة لمحافظة بني سويف حاليًا، من أسرة مسيحية تقية. وظهر تميّزه الروحي منذ صغره، حيث رأته والدته في رؤيا، وبعد أن التحق بالرهبنة في برية شيهيت، تلمذ على يد الأنبا بَاخُوم.
عُرف بفضائله العديدة: التواضع، الصمت، المحبة، وتعليم الإخوة. وكان يهرب من المديح والظهور، ويقضي لياليه في الصلاة والانفراد، مما جعله من أكثر رهبان البرية عمقًا وتأثيرًا كما اشتهر بحكمته في الإرشاد الروحي، وكان كثيرون يأتون إليه من مختلف الأماكن للتعلم من تعاليمه.
ظهورات ومعجزات حية… الرجل الذي غسل المسيح قدميه
من أبرز ما يُروى عن القديس الأنبا بيشوي، أنه في أحد الأيام ظهر له المسيح مع مجموعة من التلاميذ، وسمح له بأن يغسل قدميه بيديه، وعندما رأى باقي الرهبان أن قدمي المخلّص لا تزالا تحملان آثار الطيب، حاولوا اللحاق به، لكنهم لم يستطيعوا لأنهم لم يكونوا مستحقين.
من معجزاته أيضًا أن جسده لم يرَ فسادًا، وبقي سليمًا منذ رحيل في عام 417م وحتى اليوم، وهو محفوظ في ديره الشهير بوادي النطرون، دير الأنبا بيشوي، الذي يحمل اسمه ويُعد من أهم أديرة مصر وأكثرها جذبًا للزوار من داخل وخارج البلاد.
دير الأنبا بيشوي… إرث روحي ومعلم أثري
يقع دير الأنبا بيشوي في وادي النطرون، ويضم جسده ، إلى جانب جسد البابا شنودة الثالث، البطريرك الـ117 للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بناءً على وصيته الخاصة.
ويعد الدير من أكثر الأديرة التي تزدهر بالحياة الرهبانية اليوم، وهو مركز روحي وعلمي يحتضن عشرات الرهبان، إلى جانب مكتبة أثرية وكنائس متعددة.
الكنيسة تحتفل بذكراه في كل العالم
تقيم الكنيسة اليوم قداسات وصلوات خاصة في الأديرة والكنائس باسم الأنبا بيشوي، حيث يتبارك المصلون من سيرته، ويطلبون شفاعته كما تنشر الإيبارشيات مقاطع مصورة وكلمات لقداسة البابا تواضروس الثاني عن فضائل هذا القديس الفريد، الذي يشكّل قدوة لكل راهب ولكل مؤمن يسعى للاقتراب من الله بمحبة وأمانة.