أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، اليوم الأحد، عن «فرصة حقيقية لتحقيق إنجازات عظيمة في الشرق الأوسط»، في تصريحات يرى المراقبون أنها تثير الأمل والشكوك على حد سواء، بعد أيام من إعلانه أنه على وشك إبرام اتفاق لإنهاء الحرب المدمرة في غزة، في ظل توتر متصاعد ومخاوف من تصعيد شامل، وبينما يبدي العالم ترقّباً، فإن الاجتماعات التي تُعقد بين البلدان المعنية، واللقاءات المرتقبة على أعلى المستويات، تحاول رسم ملامح تسوية جديدة قد تغيّر موازين الصراع في المنطقة برمتها.
لقاء ترامب ونتنياهو وإطار العمل المحتمل
أفادت مصادر في الإدارة الأميركية بأن ترمب سيستضيف غداً رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، سعياً لتبلور إطار عمل تفاوضي يُمهد لاتفاق شامل، فيما تُعد هذه الخطوة استكمالاً لسلسلة اتصالات مكثفة أعلنها ترمب في الأيام الأخيرة، مشيراً إلى أن إسرائيل وحركة «حماس» على اطلاع بنقاشاتها، وأن المفاوضات «ستستمر ما دام الأمر ضرورياً».
وفي منشور له عبر منصة «تروث سوشيال»، قال ترمب: «الجميع على استعداد لشيء مميز… لأول مرة على الإطلاق… سنحققه». لكنه احتفظ بالتفاصيل في طيّ الكتمان، مما يفتح الباب لتكهنات متعددة حول ملامح الاتفاق المرتقب.
عناصر الخطة الأميركية
عزز نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس حديث ترمب بتأكيد أن الخطة التي يجري التفاوض عليها تتمحور حول ثلاثة عناصر رئيسية: إعادة جميع الرهائن، القضاء على تهديد «حماس»، وتكثيف المساعدات الإنسانية في غزة.
وفي مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز»، قال فانس إنه «متفائل أكثر من أي وقت مضى»، لكنّه حذر من أن الأمور قد «تخرج عن مسارها في اللحظة الأخيرة»، وأضاف: «أعتقد أننا قريبون من تحقيق هذه الأهداف الثلاثة»، في إشارة إلى أن الاتفاق المحتمل لن يكون سهلاً، وقد تواجهه معوقات لحظية تعيد الأمور إلى نقطة الصفر.
21 بندًا للتسوية الشاملة
حين اجتمع قادة العالم في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الأسبوع الماضي، كشفت الولايات المتحدة عن مسودة خطة سلام تضم 21 بندًا تهدف إلى إنهاء الحرب في غزة. من أبرز نقاطها: إعادة جميع الرهائن – سواء الأحياء أو رفات الموتى – وحظر شنّ هجمات إسرائيلية على قطر، وبدء حوار مع الفلسطينيين حول التعايش السلمي.
وقد أثار هذا المقترح ردود فعل قوية، لا سيما من إسرائيل التي نفّذت مؤخرًا غارة على أهداف لحركة «حماس» في الدوحة، ما أثار غضبًا قطريًّا وعلاقات متوترة مع الدول العربية.
التصعيد الإسرائيلي وحديث حماس عن الجنود في خطر
على الأرض، ما زال العنف والتوتر يهيمنان على المشهد في غزة، حيث تشن إسرائيل عمليات عسكرية متكررة تستهدف مواقع تقول إنها تابعة لـ«حماس» أو لأجنحة مقاومة أخرى، مستخدمة القصف الجوي والمدفعي في أحياء مأهولة.
ومن جهتها، تُحذّر «حماس» من أن الجنود الإسرائيليين قد يكونون في خطر داخل الأنفاق أو المباني المحصّنة، وتُطالب بوقف فوري للنيران مقابل إطلاق أسرى، ما يفاقم من معاناة المدنيين وتزيد من صعوبة الأوضاع الأمنية والإنسانية، وتضع أي خطة سلام أمام اختبار حقيقي على الأرض.
العرب وإجماع حول «حل الدولتين»
على الصعيد الإقليمي، أكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أن بلاده تعمل مع الدول العربية وشركائها على بلورة تفاصيل الخطة الأميركية التي طرحت في نيويورك، مشيرًا إلى توافق واسع حولها.
وفي لقائه رؤساء حكومات سابقة، شدد على أن «حل الدولتين» هو الطريق الوحيد لتحقيق السلام، وأن عدوان إسرائيل على قطر يحمل رسالة إرهابية للمنطقة. وقال الملك إن الهجوم عوىً أضرّ بعلاقات إسرائيل مع دول الإقليم، مؤكدًا أن هناك إجماعًا دوليًّا وعربيًّا على ضرورة التوصل إلى تسوية عادلة ترتكز على الحقوق الفلسطينية.
تحديات أمام التنفيذ
حتى مع الأجواء الإيجابية، فإن الطريق إلى اتفاق شامل محفوف بالعقبات:
أولاً: الثقة المنعدمة بين الأطراف خصوصًا بين إسرائيل و«حماس»، بعد سنوات من النزاع الدموي.
ثانيًا: التفاصيل الدقيقة في البنود الـ21 قد تثير خلافات كبيرة حول الترتيبات الأمنية، آليات الرقابة، مثلاً كيف ومتى تُعاد الرهائن، ومن يضمن عدم تجدد الأعمال العدائية. ثالثًا، الالتزام المتزامن بين الأطراف، وتعطيل أي طرف للحظة الانطلاق يمكن أن يقوض كلّ شيء في اللحظات الحاسمة، وكل ذلك يجعل تحقيق «إنجازات عظيمة» مهمة صعبة ولكن ليست مستحيلة.
