أخبار عاجلة

السياسة النقدية من التشدد إلى التيسير .. السؤال المهم والإجابة الأهم

السياسة النقدية من التشدد إلى التيسير .. السؤال المهم والإجابة الأهم
السياسة النقدية من التشدد إلى التيسير .. السؤال المهم والإجابة الأهم
صفاء لويس

هل يستطيع الاقتصاد الحفاظ على الموازنة بين تحفيز النمو واستقرار الأسعار باعتبارها الملمح الظاهر والملموس لدي الجماهير على تحسن الأوضاع المعيشية؟

هذا التساؤل المهم .. الإجابة عليه في غاية الاهمية، لأنها توضح تفصيلاً ما هي أسباب التحول الحاصل حالياً في السياسة النقدية المصرية والتي انتقلت من التشدد إلى التيسير بعد قرار البنك المركزي الأخير بتخفيض أسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس لتصل إلى 22% للإيداع و23% للإقراض و22.5% للعملية الرئيسية، مع خفض مماثل لسعر الائتمان والخصم.

نعلم جميعاً، أن قرار خفض الفائدة جاء بعد مراجعة شاملة لمؤشرات الاقتصاد الكلي، وعلى رأسها معدلات التضخم والنمو وسعر الصرف، ليؤكد أن السلطات النقدية ممثلة في البنك المركزي بقيادة المحافظ حسن عبد الله، ماضية في تيسير السياسة النقدية بعد دورة طويلة من التشديد بدأت منذ مارس 2022، حيث تبنى البنك المركزي سياسة تشديد نقدي صارمة استهدفت كبح جماح التضخم الذي بلغ مستويات قياسية نتيجة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية واضطرابات سلاسل التوريد العالمية وتراجع العملة المحلية.

خلال هذه السنوات الثلاث، والتي يمكن وصفها بسنوات نقدية «عجاف»، كانت المهمة صعبة وشاقة أمام الاقتصاد المصري ومن خلفه البنك المركزي باعتباره المسئول الأول عن «السياسة النقدية» في مصر، فقد واجهت مصر مستويات تضخم مرتفعة تجاوزت في بعض الأشهر 35 %، وتعرض الجنيه لضغوط متزايدة بسبب تراجع تدفقات العملة الصعبة وتباطؤ الاستثمارات الأجنبية المباشرة، إلا أن «المركزي» بقيادة حسن عبدالله وفريق العمل النابه والوطني الذي كان يعاونه، تمكن خلال هذه السنوات العجاف من صنع نجاحا أشبه بالمعجزة ، فقد تعامل مع هذا الملف بخطة تدريجية متوازنة اعتمدت على المرونة والانفتاح على الأدوات الحديثة في إدارة السوق النقدية، دون أن يتخلى عن الهدف الاستراتيجي الرئيسي وهو استعادة الثقة في النظام المصرفي وتخفيف الضغط عن الجنيه.

وقد استند عبد الله في هذه الخطة الفارقة على قرارات جوهرية رسخت بصمته في العمل الوطني الذي كان يقوم به وحاز على ثقة القيادة السياسية كما تابعنا جميعا، وتم تتويج جهوده ونجاحاته بقرار السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتجديد له للسنة الرابعة على التوالي.

ملامح خطة الانقاذ التي وضعها عبدالله اعتمدت بشكل كبير على تطبيق نظام سعر الصرف المرن في مارس 2024، وهو القرار الذي حسم أحد أكبر الملفات العالقة في الاقتصاد ، إلى جانب استخدامه أدوات السياسة النقدية التقليدية مثل رفع أسعار الفائدة للسيطرة على التضخم، وبالتوازي مع ذلك، ركّز عبد الله على توسيع قاعدة العملات المستخدمة في الاحتياطيات النقدية للبنك المركزي، وأضاف إلى جانب الدولار كلًّا من الين الياباني والروبل الروسي واليوان الصيني، في محاولة لتخفيف الاعتماد المفرط على الدولار، وتقليل آثار تقلباته على الاقتصاد المحلي.

بهذه الخطوات استطاع حسن عبد الله أن يعيد رسم ملامح السياسة النقدية في مصر، ليس فقط على مستوى القرارات، ولكن على مستوى الفلسفة ذاتها، وبدا واضحًا أن الرجل استطاع أن يحول السياسة النقدية من عبء يثقل الاقتصاد إلى أداة فاعلة لإعادة التوازن، وقد فعلها عبد الله وعاد التوازن وعادت الثقة وعادت المؤسسات المالية والشركاء الدوليين إلى مصر، وأصبحت القاهرة تحوز على ثقة كبيرة لدى هذه المؤسسات واتخذت مكانة تليق بها من جديد.

ولكن ورغم كل المؤشرات الإيجابية، وهذا المجهود الاستثنائي من البنك المركزي ومحافظه حسن عبدالله ، نرى في»مصرفيون « أن الطريق أمام البنك المركزي ما يزال محفوفاً بالتحديات، فالمخاطر الجيوسياسية في المنطقة قد تؤثر سلباً على السياحة والاستثمار الأجنبي، بينما قد تؤدي أي قفزة مفاجئة في أسعار النفط أو الغذاء إلى إعادة إشعال التضخم.

كما أن تقلبات الأسواق العالمية مازالت تمثل عاملاً مقلقاً، لأن أي تغيير مفاجئ في سياسات الفيدرالي الأميركي أو المركزي الأوروبي قد يؤثر على تدفقات رؤوس الأموال إلى مصر، لذلك فإن استمرار البنك المركزي في متابعة التطورات عن كثب واستعداده لاستخدام كافة أدواته يمنح قدراً من الاطمئنان، ونحن في «مصرفيون « كلنا ثقة في قدرة حسن عبدالله وفريقه الوطني ، وفي انهم يستطيعون مواصلة الابحار بنجاح نحو تحقيق مناخ أكثر استقرارا للقطاع المصرفي والسياسة النقدية في مصر، ودعم الاقتصاد بشكل أكبر واكثر فاعلية، ومساعدته كما سبق وقلت في البداية على الموازنة بين تحفيز النمو واستقرار الأسعار. 

اقرأ ايضا

إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق مصر والإمارات الأبرز.. الدول العربية استقطبت 360 ...
التالى وائل جسار على موعد مع جمهوره في بغداد 17 أكتوبر المقبل