أخبار عاجلة

شعارًا للإيمان ورمزًا للفداء... الأقباط الأرثوذكس يحتفلون بعيد الصليب

شعارًا للإيمان ورمزًا للفداء... الأقباط الأرثوذكس يحتفلون بعيد الصليب
شعارًا للإيمان ورمزًا للفداء... الأقباط الأرثوذكس يحتفلون بعيد الصليب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يمثل الصليب رمزاً وشعارا يفتخر ويتبرك به مسيحيو العالم جميعاً بأشكال عديدة، ففي مصر يمكننا أن نرى في أغلب بيوت الأقباط صلبانًا على أبواب منازلهم أو يُزينون به جدران مسكنهم، أو وشماً علي معصمهم، وصلبان أخرى تعلو قباب الكنائس، ويتسع الأمر ليصل إلى بعض الدول الغربية باتخاذها الصليب شعاراً لأعلامها، وهذه الحالة الذي يعيشها المسيحيون تعكس أهمية وقيمة الصليب الروحية لديهم. 

ومن بين مسيحيي العالم أعطى أقباط مصر الأرثوذكس مكانة أكثر خصوصية باحتفالهم بالصليب بعيدين مختلفين خلال كل عام؛ فيستعد الأقباط الأرثوذكس للاحتفال بعيد الصليب يوم 27 سبتمبر الجاري بعيد الصليب، ويُحيي هذا العيد ذكري عيد اكتشاف الصليب على يد الملكة هيلانة في القرن الرابع، وتُحتفل الكنيسة القبطية بالصليب في السابع عشر من توت وفي العاشر من برمهات من كل عام، والعيد الثاني في شهر مارس 10- برمهات وذلك لإحياء ذكري استرجاع الصليب من بلاد فارس على يد الإمبراطور هرقل.

الصليب قبل المسيح
 

كانت الإمبراطوريات القديمة تتخذ عقاب الإعدام عن طريق الصلب؛ كأحد أقسى وأحقر أنواع الإعدام، كونها عملية قتل بطيئة ومؤلمة ومهينة في ذات الوقت؛ فيصفها الكاتب القديم «شيشرون» قائلاً "إن الصلب أقسى طرق الموت الرومانية وأكثرها ابتكارًا".

وكان المصلوب ملعونا بحكم الشريعة القديمة –شريعة موسى- لأنه مكتوب: "ملعون كل من عُلّق على خشبة"، وكان الصلب يطبق على المتمردين والمجرمين بالإمبراطورية الرومانية، وكان يتم استثناء حاملي الجنسية الرومانية من ذلك الحكم.

واستمرت هذه التصورات المقترنة باللعنة والعار حول الصليب في الأذهان، إلى أن تغير ذلك بعد إتمام رسالة السيد المسيح على الأرض بتقديم نفسه ذبيحة لخلاص الجنس البشري من الخطية الأولى بصلبه على الصليب، وذلك وفق المعتقد المسيحي المبني على البشارات الأربعة بالإنجيل المقدس.

وكان السيد المسيح يتخذ من الصليب رمزًا روحيًا في دعوته لبني إسرائيل فكان يقول : «ومن لا يأخُذ صليبَهُ ويتبعُني فلا يستحقُّني» (مت 10: 38)، «إن أراد أحد أن يأتي ورائي، فليُنكِر نفسَهُ ويَحمِل صليبَهُ كل يوم ويتبعني» (لو 9: 23)، وهنا كان يشير المسيح إلي ضرورة الزهد والتخلي عن ملذات العالم المادي متمسكين بدعوة السيد المسيح الجديدة مستعدين من خلالها للحياة الأخرى حيث السعادة الأبدية.

قصة اكتشاف الصليب
 

ويذكر الموقع الكنسي “تكلا هيمانوت” قصة اكتشاف الصليب كالاتي: لقد ظل الصليب مطمورًا بفعل اليهود تحت تل من القمامة وذكر المؤرخون أن الإمبراطور هدريان الروماني (76-138 م.) أقام على هذا التل في عام 135 م. هيكلًا للزهرة الحامية لمدينة روما... وفي عام 326 م. أي عام 42 ش. تم الكشف على الصليب المقدس بمعرفة الملكة هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين الكبير... التي شجعها ابنها على ذلك فأرسل معها حوالي 3 آلاف جندي، وفي أورشليم اجتمعت بالقديس مكاريوس أسقف أورشليم وأبدت له رغبتها في ذلك، وبعد جهد كبير أرشدها إليه أحد اليهود الذي كان طاعنا في السن... فعثرت على 3 صلبان واللوحة التذكارية المكتوب عليها يسوع الناصري ملك اليهود واستطاعت أن تميز صليب المسيح بعد أن وضعت الأول والثاني على ميت فلم يقم، وأخيرًا وضعت الثالث فقام لوقته. فأخذت الصليب المقدس ولفته في حرير كثير الثمن ووضعته في خزانة من الفضة في أورشليم بترتيل وتسابيح كثيرة... وأقامت كنيسة القيامة على مغارة الصليب وأودعته فيها، ولا تزال مغارة الصليب قائمة بكنيسة الصليب وأرسلت للبابا أثناسيوس بطريرك الإسكندرية فجاء، ودشن الكنيسة بأورشليم في احتفال عظيم عام 328 م. تقريبًا.

بعد هذا أصبح الصليب المقدس علامة الغلبة والافتخار بعد أن غلب به السيد المسيح الموت على الصليب فأتخذه الإمبراطور قسطنطين الكبير علامة النصرة في كل حروبه، وبنىَ الكثير من الكنائس وأبطل الكثير من عبادة الأوثان... قيل أن هرقل إمبراطور الروم (610-641 م.) أراد أن يرد الصليب إلى كنيسة القيامة بعد أن كان قد استولى عليه الفرس، فأراد أن يحمله بنفسه فلبس الحلة الملوكية، وتوشح بوشاح الإمبراطور، ولبس تاج الذهب المرصع بالأحجار الكريمة، ثم حمل الصليب على كتفه، ولما أقترب من باب الكنيسة ثقل عليه فلم يستطيع أن يدخل به - فتقدم إليه أحد الكهنة وقال له: اذكر أيها الملك أن مولاك كان حاملًا الصليب وعلى هامته المقدسة إكليلًا من الشوك لا إكليلًا من الذهب فلزم أن تخلع تاجك الذهبي وتنزع وشاحك الملوكي... فعمل بالنصيحة ودخل الكنيسة بكل سهولة.

فلكلور الصليب 
 

وأما عن فلكور الأقباط حول الصليب؛ فلا تخلو الموالد القبطية، المقامة المقامة على مدار العام من ظاهرة دق الصلبان؛ فيعتاد الأقباط أن يدقوا الصلبان على معصم أطفالهم قبل أن يكاد يتعلموا نطق كلماتهم الأولى؛ بينما الراشدين قد يختارون دق الصلبان في مناطق أخرى مثل الذراع أو الظهر أو يختارون وشوماً للقديسين، وكل تلك الأشكال يتخذونها كوسية للتبرك والتعبير عن إيمانهم.

وعلى الجانب الفني فلا يخلو الفلكلور القبطي من التراتيل والمواويل حول الصليب: فيقوم الأقباط بالتلاوة قائلين: «صليبي يا صليبي.. مصنوع من الخشب لكن دي قيمتك عندي.. أغلي من الدهب صليبي يا صليبي.. دومًا أفتخر بيك قدام الناس كلها».

وفي ذات السياق يقول الباحث في التراث الشعبي  وثقافية عميقة، يُنظر إليه كرمز للبركة والقوة ودرعًا للحسد، حيث يُستخدم لرشم الأشياء قبل بدء أي عمل طلبًا للتوفيق، كما يمثل الصليب الهوية الدينية للأقباط، ويُوشم على معصم اليد منذ الصغر كعلامة انتماء إيمانية.

وتابع، في الماضي، كانت النساء يضعن الصليب بجانب أطفالهن الرُضع لحمايتهم من "الأرواح الشريرة" وفقًا للمعتقدات الشعبية السائدة، كما استخدمنه كزينة تعكس الإيمان والقوة، ويرتبط الصليب أيضًا بمفهوم الألم والصبر، إذ يُعتبر حمله تعبيرًا عن احتمال المشقة والتجارب، مستلهَماً من قصة السيد المسيح وحمله للصليب الثقيل.

وأكمل أيوب :  يشير الصليب في التراث الشعبي المصري إلى امتداد روحي وثقافي، إذ يشبه مفتاح الحياة الفرعوني "عنخ"، الذي يمثل الخلود والحياة، هذا التشابه يعكس تداخلاً ثقافيًا عميقًا بين الرموز القبطية والجذور المصرية القديمة، ما يؤكد على استمرارية الرموز عبر التاريخ.

وأضاف، يعد مثل "امسك الخشب" من أشهر العبارات الشعبية التي يستخدمها المصريون لدرء الحسد وحماية النفس أو الأشياء من الأذى. يعود أصل هذه العبارة إلى زمن الإمبراطور قسطنطين، عندما اعتاد المسيحيون السير في مواكب عامة ولمس الصليب الخشبي للتبرك به وطلب الشفاء. كانت هذه الممارسة تتطلب لمس الصليب ثلاث مرات متتالية كشرط لتحقيق البركة.

واختتم أيوب : تحولت هذه العادة إلى تقليد أوسع يشمل لمس أي صليب خشبي طلبًا للبركة، ومع مرور الوقت، تطورت الممارسة لتشمل لمس أي شيء مصنوع من الخشب كرمز للتحصين من الحسد، انتشرت هذه العادة بين مختلف الثقافات، وأصبحت جزءًا من التقاليد الشعبية التي يقوم بها الجميع دون إدراك جذورها التاريخية.

 

في صفحات البوابة

405.jpeg
404.jpg
الباحث أشرف أيوب

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق بلاغ للنائب العام يتهم الراقصة دينا بنشر الفسق والفجور بعد افتتاح أكاديمية للرقص
التالى عمرها عام واحد .. مصرع طفلة سقطت من سلم المنزل بقرية في قنا