في إطار سعي مصر لجذب استثمارات نوعية تدعم خططها الصناعية، استضافت القاهرة اجتماعًا رفيع المستوى بين مسؤولي الحكومة ومجموعة كنان القابضة السعودية لبحث مشروع ضخم في قطاع الصناعات المعدنية
يأتي هذا اللقاء ليؤكد عمق الشراكة الاقتصادية بين البلدين، وحرص الجانبين على إقامة مشروعات تكاملية تسهم في توطين الصناعات الاستراتيجية، وزيادة القدرات الإنتاجية، وتوفير فرص عمل جديدة تعزز نمو الاقتصاد الوطني.
عقد الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، اجتماعًا موسعًا مع وفد من مجموعة كنان القابضة السعودية برئاسة مهيلب المهيلب، رئيس مجلس إدارة المجموعة، لبحث خططها التوسعية في السوق المصرية وحضر اللقاء الدكتورة ناهد يوسف، رئيس الهيئة العامة للتنمية الصناعية، وعدد من قيادات وزارة الصناعة.
مجمع صناعي متكامل
خلال الاجتماع، استعرضت المجموعة خطتها لإنشاء مجمع صناعي متكامل باستثمارات تقارب ملياري جنيه، يضم عدة مصانع متخصصة، من بينها مصنع لإنتاج وصلات وحنفيات ومحابس المياه النحاسية، وآخر لتصنيع الإكسسوارات وأيادي الزنك والاستانلس الخاصة بـ المحابس والحنفيات ووصلات المياه كما يشمل المشروع مصنعًا لإنتاج خلاطات المياه النحاسية بمختلف الأشكال والألوان، بهدف تعزيز القدرات الإنتاجية وتوسيع قاعدة الصناعات المعدنية في مصر ومن المتوقع أن يوفّر هذا المجمع أكثر من ألف فرصة عمل مباشرة.
وأكد الوزير، في مستهل اللقاء، حرص مصر على بناء صناعات تكاملية مع المملكة العربية السعودية، استنادًا إلى عمق العلاقات الأخوية والشراكة الاستراتيجية بين البلدين وأوضح أن التعاون الصناعي المشترك يفتح آفاقًا واسعة لإقامة مشروعات كبرى تدعم الاقتصادين المصري والعربي، وتحقق قيمة مضافة تخدم الأسواق المحلية والإقليمية والدولية، ما يعزز من مكانة البلدين كمراكز محورية للصناعة والتصدير في المنطقة كما أشار إلى أن الوزارة ستدرس مقترحات المجموعة وتتابع تنفيذ توسعاتها، بما يدعم خطط الدولة لتقليل الواردات، وزيادة التصدير، وتوطين الصناعات الاستراتيجية، إلى جانب توفير المزيد من فرص العمل للشباب.
وشدد الوزير على أن الدولة المصرية تدعم الاستثمارات الجادة وتولي اهتمامًا خاصًا للإدارة الرشيدة للموارد الاستراتيجية، خاصة خردة النحاس التي تعد موردًا نادرًا وأوضح أن استغلال هذا المورد يجب أن يوازن بين تلبية احتياجات السوق المحلية وتقليل الاعتماد على الاستيراد، مع إمكانية التصدير بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي. وفي هذا السياق، وجه الوزير الموانئ البرية والبحرية بعدم السماح بخروج النحاس، سواء في صورة خردة أو أعواد، إلا بعد تصنيعه في شكله النهائي، بما يضمن تعظيم القيمة المضافة وتعزيز قدرة الصناعة الوطنية على تلبية احتياجات السوق المحلي أولًا قبل التوسع نحو الأسواق العالمية.
فرص اقتصادية واسعة
وفي هذا السياق يرى الدكتور خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي، أن المشروع يمثل دفعة قوية للصناعة المصرية، إذ يساهم في تقليل الاعتماد على الاستيراد في قطاع مستلزمات المياه، مثل الحنفيات والمحابس والوصلات النحاسية موضحًا أن المجمع الصناعي، بما يضمه من مصانع لإنتاج الإكسسوارات وخلاطات المياه النحاسية، يعزز سلاسل القيمة المضافة ويفتح الباب أمام صادرات مصرية ذات تنافسية عالية في الأسواق الإقليمية.
وتابع الشافعي، أن المشروع يعكس توجهًا استراتيجيًا نحو نقل التكنولوجيا وتوطين الخبرات الصناعية، لافتًا إلى أن التعاون مع مجموعة كنان القابضة يتيح تبادل المعرفة والخبرات بين الجانبين المصري والسعودي مشيرًا أن إقامة مثل هذه المصانع المتخصصة يسهم في تطوير المهارات الفنية للعمالة المصرية ورفع جودة المنتجات المحلية، بما يتوافق مع المعايير الدولية.
دعم سوق العمل
وفي نفس السياق يقول الدكتور علي الإدريسي الخبير الاقتصادي، أن المشروع سيخلق أكثر من ألف فرصة عمل مباشرة، فضلًا عن مئات الوظائف غير المباشرة في القطاعات المساندة موضحًا أن استقطاب استثمارات بهذا الحجم يعزز ثقة المستثمرين العرب والأجانب في مناخ الأعمال المصري، خاصة في ظل ما يشهده من إصلاحات تشريعية وبنية تحتية داعمة.
وتابع الإدريسي، أن عدم السماح بتصدير النحاس خامًا قبل تصنيعه خطوة مهمة لتعظيم القيمة المضافة مشيرًا إلى أن هذه السياسة تحافظ على الموارد الاستراتيجية وتضمن تلبية احتياجات السوق المحلية أولًا، ثم التوسع نحو التصدير بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي، ما يساهم في تعزيز ميزان المدفوعات وتقليل الفجوة الاستيرادية.
