أخبار عاجلة

من لاهاي إلى الساحل.. إفريقيا تؤسس عدالتها بعيدًا عن الهيمنة الغربية

من لاهاي إلى الساحل.. إفريقيا تؤسس عدالتها بعيدًا عن الهيمنة الغربية
من لاهاي إلى الساحل.. إفريقيا تؤسس عدالتها بعيدًا عن الهيمنة الغربية

 

 

 


في خطوة وُصفت بأنها تحوّل استراتيجي في علاقة القارة السمراء بالمؤسسات الدولية، أعلنت مالي وبوركينا فاسو والنيجر يوم 22 سبتمبر 2025 انسحابها رسميًا من المحكمة الجنائية الدولية، معتبرة أن المحكمة تحولت إلى "أداة قمع نيواستعمارية" تُستخدم ضد الدول الإفريقية أكثر من غيرها.

ويأتي هذا القرار بعد سلسلة من الانقلابات العسكرية في الدول الثلاث بين عامي 2020 و2023، وما تبعها من تحولات في الخطاب السياسي نحو تعزيز السيادة الوطنية ورفض “الوصاية الدولية”.

 


خلفيات الانسحاب: من هيمنة العدالة الدولية إلى السيادة الإقليمية

قالت الحكومات العسكرية في مالي وبوركينا فاسو والنيجر في بيان مشترك إن المحكمة الجنائية الدولية "فقدت مصداقيتها وتحولت إلى أداة سياسية بيد القوى الغربية".
وأكد البيان أن قرار الانسحاب جاء ضمن “نهج سيادي جديد يهدف إلى استعادة كرامة الدول الإفريقية وإقامة منظومة عدالة نابعة من ثقافتنا وتاريخنا”.

وينص النظام الأساسي للمحكمة على أن تفعيل الانسحاب لا يصبح ساريًا إلا بعد مرور عام كامل على الإخطار الرسمي، ما يعني أن القرار سيأخذ مفعوله في سبتمبر 2026.

 


مشروع بديل: محكمة جنائية إقليمية للساحل

في موازاة قرار الانسحاب، كشفت الدول الثلاث عن نية مشتركة لتأسيس محكمة جنائية إقليمية خاصة بدول الساحل الإفريقي، تكون معنية بمكافحة الإرهاب وجرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة داخل المنطقة.
المشروع، حسب مصادر حكومية في باماكو وواغادوغو ونيامي، يهدف إلى تعزيز العدالة المحلية وبناء مؤسسات قضائية مستقلة بعيدًا عن التدخلات الخارجية.

 


ردود فعل دولية متباينة

أثار القرار الثلاثي ردود فعل واسعة على المستويين الإقليمي والدولي:

1. الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أعربا عن قلقهما من أن الانسحاب قد يؤدي إلى تراجع المساءلة وازدياد الإفلات من العقاب في منطقة تشهد اضطرابات أمنية واسعة.


2. منظمات حقوق الإنسان الدولية مثل “هيومن رايتس ووتش” و“العفو الدولية” حذرت من أن القرار “يضعف منظومة العدالة الدولية ويهدد حقوق الضحايا”.


3. في المقابل، رحّبت دول أفريقية مثل غينيا الاستوائية وتشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى بالخطوة، معتبرة أنها “انتصار للسيادة الإفريقية” ورفض للهيمنة الغربية على مؤسسات العدالة.


4. أما الأمم المتحدة، فقد دعت إلى “الحوار بين الأطراف كافة للحفاظ على مبدأ مكافحة الإفلات من العقاب وضمان حقوق الإنسان في المنطقة”.

 

 


العدالة بين الواقع والطموح

تُعد الدول الثلاث من بين أكثر الدول الإفريقية تعرضًا للنزاعات المسلحة والانتهاكات الحقوقية خلال السنوات الماضية، حيث تخوض جيوشها معارك ضد تنظيمات إرهابية متطرفة تنشط في الصحراء الكبرى ومنطقة الساحل.
ويرى مراقبون أن غياب المحكمة الجنائية الدولية قد يضعف آليات المحاسبة، ما لم تنجح هذه الدول في بناء مؤسسات قضائية شفافة وفاعلة داخليًا.

لكن في المقابل، يرى آخرون أن القرار يمثل تحديًا جريئًا للهيمنة الغربية، ومحاولة لإعادة تعريف مفهوم العدالة من منظور إفريقي يستند إلى الخصوصية الثقافية والسياسية لدول الجنوب.

 


قراءة في المشهد المقبل

مع انسحاب مالي وبوركينا فاسو والنيجر، تكون القارة الإفريقية قد فقدت ثلاثة من أقدم أعضائها في المحكمة الجنائية الدولية، مما يفتح الباب أمام نقاش أوسع حول مستقبل العدالة الدولية في إفريقيا، ومدى قدرتها على التوفيق بين السيادة الوطنية والمساءلة الدولية.

ويُتوقع أن يشكل هذا التطور سابقة سياسية قد تدفع دولًا إفريقية أخرى – خاصة الواقعة في مناطق النزاع – إلى إعادة النظر في علاقتها بالمحكمة، في ظل تصاعد الشعور بأن العدالة الدولية تخدم أجندات سياسية أكثر مما تحمي حقوق الإنسان.


ختاما: بين من يراها “ضربة للعدالة الدولية” ومن يعتبرها “تحررًا من الوصاية الغربية”، يظل انسحاب دول الساحل الثلاث من المحكمة الجنائية الدولية محطة فارقة في علاقة إفريقيا بالمؤسسات الدولية، تعيد طرح السؤال الجوهري:هل يمكن تحقيق العدالة خارج الإطار الغربي؟.

إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق ميناء شرق بورسعيد يحصد المركز الثالث عالميا في مؤشر أداء الموانئ للحاويات لعام 2024
التالى شبكة قنوات ON تستضيف باسم يوسف في سلسلة حوارات عبر برنامج “كلمة أخيرة”