
تفتح «البوابة نيوز» باب التساؤل حول التعليم والثقافة وهل تستطيع المناهج التعليمية تخريج اطفال لديهم ثقافة ووعي وقادرين على تكوين أراء مبنية على أسس علمية وثقافية.
وتحدثت "البوابة" مع مجموعة من المثقفين والأدباء والشعراء والخبراء حول ما إذا كانت المناهج التعليمية استطاعت أن تخرج طلاباً مثقفين وعلى دراية حقيقية بالثقافة أو طالباً لديه المعرفة الكافية بالحركة الثقافية والتاريخ، أم أن كل ما تلقاه خلال السنة الدراسية سيذهب وكانه لم يكن؟!.
كان لابد أن نوجه التساؤل إلى الشاعر أحمد الشهاوي والحاصل مؤخرًا على جائزة الدولة التقديرية في الآداب 2025: هل تسهم المناهج التعليمية في مصر من الصف الأول الابتدائي حتى الثالث الإعدادي في تخريج طالب مثقف وواعٍ بالحركة الثقافية؟
المناهج الحالية بحاجة إلى مراجعة شاملة
قال الشاعر أحمد الشهاوي في تصريحات خاصة لـ"البوابة" يمثّل هذا السؤال مدخلًا مهمًا لفهم العلاقة بين النظام التعليمي والتكوين الثقافي لدى الأجيال الناشئة.. متابعًا: "الثقافة بما تتضمنه من وعي بالتاريخ والهُوية، ومعرفة بالفنون والآداب والفكر والفلسفة والدين والحضارة خصوصا حضارة مصر القديمة، لا تُكتسب فقط من الأسرة أو الإعلام، بل يُفترض أن يكون التعليم المدرسي أحد ركائزها الأساسية، بخاصة في المراحل التأسيسية التي تشكّل الوعي والاتجاهات.
وأضاف "الشهاوي": فعند النظر إلى المناهج التعليمية بمصر، من الصف الأول الابتدائي وحتى الثالث الإعدادي، نجد أنها تركّز بدرجة أساسية على مواد اللغة العربية، والرياضيات، والعلوم، والدراسات الاجتماعية، واللغة الأجنبية، إلى جانب مواد مثل التربية الدينية والتربية الفنية. ورغم محاولات تطوير هذه المناهج في السنوات الأخيرة لتصبح أكثر تفاعلية وربطًا بالحياة الواقعية، فإن السؤال يظل قائمًا هل تُنمي هذه المناهج الأساسية طالبًا مثقفًا؟.. الإجابة الأقرب إليَّ هي لا، وليست بالشكل الكافي. لأن السبب الرئيس أن المحتوى الثقافي بمعناه الواسع يظهر في المناهج بشكل مجزأ، تقليدي، ويفتقر في كثير من الأحيان إلى الرؤية التكاملية أو الحس النقدي. فالمقررات لا تُقدّم للطالب رؤية واضحة للحركة الثقافية في مصر، سواء من حيث تاريخها، ورموزها، وإسهاماتها، أو حتى أسئلتها الراهنة.
ولفت قائلا: "فنادرًا ما يتعرّف الطالب في تلك المراحل إلى كُتَّاب معاصرين، أو فنانين، أو مفكرين مصريين أسهموا في تشكيل الوعي الثقافي الوطني. كما أن الأنشطة المصاحبة للعملية التعليمية، مثل المكتبات المدرسية أو الرحلات الثقافية، تكاد تكون غائبة أو شكلية". أضف إلى ذلك أن المناهج لا تُعلّم الطلاب كيف يُفكّرون ثقافيًّا أو يتفاعلون مع الفن أو الأدب كجزء من حياتهم، بل تُقدِّم غالبًا معرفةً تلقينيةً، غير مترابطة، لا تُرسّخ اهتمامًا حقيقيًا بالثقافة.
مختتمًا حديثه قائلاً: "إذا كان الهدف هو تخريج طالب مثقف بالمعنى العميق – أي منفتح، وناقد، ومتابع للحركة الثقافية، وفاعل فيها مستقبلًا – فإن المناهج الحالية بحاجة إلى مراجعة شاملة، تُعيد إلى الثقافة مكانتها المركزية كأداة لبناء الإنسان، لا كمادة هامشية في جدول الحصص".