الكبد ليس مجرد عضو داخلي، بل هو محطة متكاملة لمعالجة السموم، وتنظيم الطاقة، وإنتاج المواد الحيوية. فهو مسؤول عن تنقية الدم، تخزين الجلوكوز، إنتاج العصارة الصفراوية الضرورية للهضم، والمساهمة في بناء البروتينات وعوامل التخثر.
لكن عندما يفقد الكبد القدرة على أداء هذه الوظائف، تبدأ علامات الخطر في الظهور، فيما يُعرف طبيًا بـ فشل الكبد، وهي حالة قد تؤدي إلى الوفاة خلال فترة قصيرة إذا لم يتم التعامل معها بشكل عاجل وفعّال.
ما هو فشل الكبد؟
يشير فشل الكبد إلى الحالة التي يصبح فيها الكبد عاجزًا عن أداء وظائفه الحيوية بشكل طبيعي، وتحدث هذه الحالة إما بشكل مفاجئ وسريع (فشل حاد) أو تدريجي على مدى شهور وسنوات (فشل مزمن).
أنواع فشل الكبد: حاد ومزمن
▪ فشل الكبد الحاد
يُعد فشل الكبد الحاد حالة طبية طارئة، حيث يتوقف الكبد فجأة عن العمل خلال أيام أو أسابيع قليلة. وعادةً ما يحدث بسبب تسمم دوائي (مثل الجرعة الزائدة من الباراسيتامول)، أو عدوى فيروسية قوية مثل التهاب الكبد الفيروسي A أو B.
من أبرز أعراض هذا النوع:
اصفرار الجلد والعينين (اليرقان).
تغيرات سريعة في الوعي والسلوك.
نزيف مفاجئ من الأنف أو اللثة.
فقدان التوازن والارتباك الذهني.
▪ فشل الكبد المزمن
يتطور هذا النوع بشكل بطيء نتيجة أمراض الكبد المزمنة، مثل التهاب الكبد المزمن، الكبد الدهني غير الكحولي، أو الإفراط في تناول الكحول.
مع الوقت، تُستبدل الأنسجة السليمة بأنسجة ندبية (تليف الكبد)، مما يُفقد العضو قدرته على العمل بكفاءة، وقد يصل إلى نقطة لا يُجدي معها العلاج سوى زراعة كبد جديد.
مراحل تطور فشل الكبد
تمر حالة فشل الكبد بعدة مراحل، ولكل منها دلالات واضحة:
التهاب الكبد: المرحلة الأولية التي تبدأ فيها الأنسجة بالتعرض للضرر.
التليف: تطور الالتهاب إلى تكوّن أنسجة ليفية تعيق وظائف الكبد.
التندب الدائم: ظهور الندبات بشكل كثيف يقلل من قدرة الكبد على التجدد الذاتي.
الفشل الكبدي الكامل: فقدان الكبد لجزء كبير من وظائفه، مما يؤدي إلى مضاعفات في الجسم بالكامل.
الأعراض المبكرة لفشل الكبد
في المراحل الأولى، قد تكون الأعراض خفيفة أو غير ملحوظة، لكنها سرعان ما تتطور لتشمل:
ألم في الجزء العلوي الأيمن من البطن.
إرهاق شديد دون سبب واضح.
غثيان وقيء مستمر.
فقدان ملحوظ في الشهية.
تغير لون البول إلى الداكن، والبراز إلى الفاتح.
حكة مستمرة في الجلد.
اصفرار الجلد والعينين (يرقان).
كدمات سهلة ونزيف متكرر.
أعراض متقدمة تدل على تدهور الحالة
عندما يصل فشل الكبد إلى مراحله المتقدمة، تظهر أعراض أشد خطورة تتطلب التدخل الفوري، ومنها:
الاستسقاء (تجمع السوائل في البطن).
تورم القدمين والوجه (الوذمة).
تقيؤ دم أو مواد شبيهة بتفل القهوة.
اضطرابات عصبية مثل الرعشة أو فقدان التوازن.
ضيق شديد في التنفس.
انخفاض كمية البول بصورة ملحوظة.
هل يمكن علاج فشل الكبد؟
تعتمد فرص العلاج على نوع الفشل ومرحلة اكتشافه. ففي حالات الفشل الحاد، قد يكون التدخل السريع بالأدوية أو العلاجات الداعمة كافيًا للنجاة.
أما في الفشل المزمن المتقدم، فغالبًا ما يكون زراعة الكبد هي الخيار الوحيد القادر على إنقاذ حياة المريض.
الوقاية خير من العلاج
للوقاية من فشل الكبد، ينصح الأطباء بـ:
تجنب تعاطي الكحول والمخدرات.
الحذر من الجرعات الزائدة من الأدوية، وخاصة الباراسيتامول.
إجراء تحاليل دورية لوظائف الكبد.
اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن.
التطعيم ضد الفيروسات الكبدية (مثل A و B).
تجنب استخدام أدوات ملوثة (في الحلاقة، الوشم، أو الحقن).
