شهدت مدينة إيلات جنوبي إسرائيل حالة من الفوضى والهلع عقب سقوط وانفجار طائرة مسيرة أطلقت من اليمن، ما أسفر عن إصابة 27 شخصًا على الأقل، بينهم اثنان في حالة خطرة، في تطور جديد يعكس اتساع نطاق التهديدات الأمنية التي تواجهها إسرائيل.
تفاصيل الهجوم
أفادت وسائل إعلام عبرية، أن الطائرة المسيرة انفجرت قرب مركز تجاري مطل على البحر في إيلات، ما أدى إلى تصاعد أعمدة الدخان ووقوع أضرار مادية في المحيط، وجرى نقل المصابين إلى مستشفيات في بئر السبع وتل أبيب بواسطة المروحيات، فيما عولجت حالات أخرى محليًا في مستشفى يوسفتال بالمدينة.
وقالت الشرطة الإسرائيلية، إن الهجوم تسبب في إصابات مباشرة بشظايا، إلى جانب عدد من حالات الهلع والذعر بين السكان والسياح. وأضافت أن فرق البحث والإنقاذ هرعت إلى الموقع لتأمين المنطقة وتقدير حجم الأضرار.
من جهته، أكد الجيش الإسرائيلي أن الطائرة المسيرة أطلقت من اليمن باتجاه إيلات، وأنه جرت محاولات لاعتراضها باستخدام منظومة "القبة الحديدية"، إلا أن الطائرة حلقت على ارتفاع منخفض، ما صعب من رصدها واعتراضها.
وذكرت صحيفة "يسرائيل هيوم" أن صاروخين اعتراضيين أطلقا لمحاولة إسقاطها لكنهما فشلا، فيما أشارت القناة 13 إلى فتح تحقيق حول التأخر في رصد الطائرة والفشل في اعتراضها.

تبني الحوثيين للهجوم
أعلن المتحدث العسكري باسم جماعة الحوثيين، يحيى سريع مسؤولية الجماعة عن الهجوم، مؤكدًا أن العملية استهدفت عدة مواقع في إيلات وبئر السبع بعدد من الطائرات المسيرة "وقد حققت أهدافها بنجاح"، على حد تعبيره.
ويأتي هذا الهجوم ضمن سلسلة عمليات ينفذها الحوثيون منذ اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر 2023، حيث استهدفوا مرارًا مواقع إسرائيلية وسفنًا مرتبطة بتل أبيب في البحر الأحمر، معتبرين أن تحركاتهم تأتي "إسنادًا للشعب الفلسطيني".
إيلات تتحول إلى جبهة
بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت"، لم يعد استهداف إيلات حدثًا استثنائيًا، إذ سجل منذ بداية الحرب إطلاق نحو 300 طائرة مسيرة باتجاه المدينة، نجحت عشرة منها في اختراق المنظومات الدفاعية وسقطت في مناطق مدنية.
وشهدت المدينة في الأسابيع الأخيرة عدة حوادث بارزة، منها استهداف مطار رامون وسقوط طائرة أخرى عند مدخل أحد الفنادق، وصولًا إلى انفجار الأمس قرب مركز تجاري مكتظ بالسكان والزوار.
وأشارت الصحيفة إلى أن المدينة التي تستقبل نحو 3 ملايين سائح سنويًا، وتوفر حوالي 7.5 مليون ليلة إقامة في فنادقها، باتت تعاني من غياب بنية تحتية مناسبة للحماية. فبحسب البيانات، لا يتجاوز عدد الملاجئ العامة 87 ملجأ، نصفها فقط صالح للاستخدام.

قلق أمني وصحي
رئيس بلدية إيلات، إيلي لانكري، عبر عن مخاوفه من تكرار الحوادث، مشيرًا إلى أن المستشفى المحلي يعاني من نقص في الإمكانيات الطبية ولا يمكنه التعامل مع حوادث إصابات جماعية، مؤكدًا أن الاعتراضات الدفاعية لم تحقق النتائج المرجوة، ما يزيد من المخاطر على السكان.
وقال لانكري: "إذا وقع هجوم أكثر خطورة فلن نتمكن من الاستجابة بالشكل المطلوب، الفجوات بين الخدمات الطبية في إيلات وبقية المدن كبيرة جدًا".
شهادات من الميدان
روت إحدى المصابات وتدعى حانا غامرساني لموقع "ynet": "سمعنا الإنذار ثم وقع الانفجار. كنت في حالة صدمة كاملة ولم أعرف إلى أين أذهب". فيما قالت أخرى تدعى حاجيت: "إيلات ليست مستعدة للحرب. بالأمس لم يكن هناك مكان محمي للأمهات والأطفال، فاضطررنا إلى وضعهم في مخزن".
وعلى المستوى الاقتصادي، تحدث أصحاب الأعمال عن خسائر متزايدة بسبب الهجمات. توماس ليفي، صاحب حانة متضررة، قال: "كنا ننتظر ذروة الأعياد بعد تجديد المكان، لكن الضرر الآن كبير والدولة لا تساعد بسرعة". أما أرنون بار أدون، صاحب مطعم بيتزا، فأكد أن حالة عدم اليقين تهدد مستقبل المدينة السياحي: "لو وقع الهجوم في وقت الذروة لكانت الكارثة أكبر بكثير".
تداعيات بيئية محذر منها
جمعية حماية الطبيعة في إسرائيل حذرت من كارثة أكبر محتملة، مشيرة إلى أن الطائرة المسيرة كان يمكن أن تصيب منشآت نفطية حساسة في إيلات، ما قد يؤدي إلى أضرار بيئية وأمنية هائلة.
يكشف هجوم أمس أن إيلات، رغم بعدها عن جبهات القتال التقليدية، باتت هدفًا متكررًا للطائرات المسيّرة، ما يضع المنظومة الأمنية الإسرائيلية أمام تحديات حقيقية. وبينما يؤكد الحوثيون استمرار عملياتهم "إسنادًا لغزة"، يبقى السؤال: إلى أي مدى تستطيع إسرائيل تأمين جبهتها الجنوبية في ظل تصاعد الهجمات وتراجع الثقة الشعبية بفاعلية أنظمتها الدفاعية؟