{سُبْحَانَ الَّذِى خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ} (يس: 36)
هذه الآية الكريمة توضح لنا قدرة الله وعظمته، فهو سبحانه الخالق الذى لا شريك له، خلق كل الأزواج والأصناف بحكمة وتقدير، فالزوجية فى الكون سنة إلهية جارية، نراها فى النباتات التى تنبت من الأرض، وفى البشر ذكورًا وإناثًا، بل وتشمل مخلوقات لا يحيط بها علم الإنسان.
وقد أوضح المفسرون – كابن كثير والقرطبى – أن معنى الأزواج يشمل كل الأنواع: ما هو معلوم وما لم يُكشف عنه بعد، ليبقى الإنسان دائمًا مدركًا محدودية علمه أمام علم الله الشامل.
تطبيق هذه الآية فى حياة المسلم يتجلى أولًا فى التسبيح الدائم والتنزيه لله كلما رأى جمال الخلق وتنوعه، كما تُعلّم المؤمن التواضع، فمهما بلغ من معرفة فهناك عوالم وأسرار لم تُكشف بعد، وهى أيضًا دعوة للتفكر فى الكون وطلب العلم، لأن البحث يزيد اليقين ولا ينقصه.
ومن دروس الآية أن الكون قائم على التوازن والازدواجية؛ مما يدفع المسلم إلى احترام سنن الله فى الأرض، والحفاظ على البيئة، وإقامة العدل فى الأسرة والمجتمع، وبذلك تتحول الآية إلى منهج حياة يربط القلب بعظمة الخالق ويغرس فى النفس الخشوع والشكر الدائم.