كثيرًا ما لجأت شركات النفط والغاز إلى تأجيل توزيعات الأرباح النقدية على المساهمين لصالح الإنفاق على الخطط طويلة الأجل التي تستهدف توسيع النشاط واقتناص الفرص.
ورغم أن هذا النهج في التخطيط المالي ينطوي على فرص كبيرة للنمو، فإن غالبية الشركات صارت تعطي الأولوية لإرضاء المساهمين على حساب أيّ اعتبارات أخرى.
في هذا السياق، يتوقع تقرير حديث -اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)- أن تركِّز شركات النفط والغاز خلال عام 2026 على زيادة توزيعات الأرباح على المساهمين أكثر من الاستثمارات طويلة الأجل.
ويرجّح التقرير أن يصل متوسط معدل إعادة الاستثمار إلى 50% خلال العام المقبل؛ ما قد يتيح للشركات إعادة 45% من التدفقات النقدية التشغيلية إلى المساهمين.
ويُقصَد بمعدل إعادة الاستثمار (Reinvestment rate) الأرباح التي تعيد الشركات استثمارها في تمويل خططها المستقبلية، وهو مؤشر قوي على اتجاهات الشركات في تفضيل المصالح قصيرة المدى على حساب المصالح متوسطة وطويلة الأمد والعكس.
خطط شركات النفط والغاز في 2026
يكشف دليل التخطيط الإستراتيجي لشركات النفط والغاز لعام 2026 أن الشركات ستحافظ على معايير استثمار منضبطة خلال العام المقبل، وسط تحديات كبيرة متوقعة في السوق.
ويتوقع التقرير الصادر عن شركة أبحاث وود ماكنزي -مؤخرًا- أن تواجه الشركات ضغوطًا تنافسية متضاربة في 2026، حيث تتعارض مخاطر انخفاض أسعار النفط على المدى القريب، مع الحاجة إلى توسيع محافظ الشركات، وزيادة الاستثمار في قطاع المنبع خلال العقد المقبل.
في الوقت نفسه، تحتاج الشركات إلى تشديد الانضباط المالي للموازنة وخفض معدلات إعادة الاستثمار، حتى تتمكن من توزيع أرباح نقدية معقولة للمساهمين.
إزاء هذا الوضع، يتوقع رئيس أبحاث الشركات في وود ماكنزي توم إلكوت أن يواصل المستثمرون على المدى القريب تفضيل أولويات، مثل توزيعات الأرباح واستقرار التدفقات النقدية وقوة الميزانية، على الاستثمارات طويلة الأجل.
بينما ستعطي شركات النفط والغاز التي تتجاوز نسبة ديونها 35% الأولوية لتخفيض المديونية على أيّ أمر آخر، لتعزيز قدرتها على مواجهة مخاطر صدمات الأسعار المرتفعة.
أمّا الشركات التي تتجاوز معدلات إعادة الاستثمار فيها 80%، فستركّز على بيع بعض الأصول لتعويض ارتفاع الإنفاق، دون التفريط في جودة المحفظة الاستثمارية.
على الجانب الآخر، تتوقع وود ماكنزي أن تكون شركات النفط والغاز حذرة في عمليات إعادة شراء الأسهم خلال العام المقبل، وربما تُعلِّقها تمامًا، إذا انخفضت أسعار النفط إلى ما دون 50 دولارًا للبرميل.
وانخفض سعر خام برنت بنحو 10% منذ بداية 2025 حتى الآن، ويحوم حول مستويات 68 دولارًا للبرميل.
كما ستحرص الشركات على أن تكون برامجها الاستثمارية مرنة جدًا، حتى تتمكن من تعديلها أو خفضها بسهولة، استجابة لانخفاض الأسعار أو أيّ تطورات طارئة.
تخفيض الاستثمارات منخفضة الكربون
رغم أن الاستثمارات منخفضة الكربون في شركات النفط والغاز ما زالت هامشية مقارنة بإجمالي إنفاقها السنوي، فإن الشركات ستسعى إلى خفضها بصورة أكبر خلال عام 2026.
ويتوافق هذا التوقع مع إعلان عدد من شركات النفط الكبرى مراجعة خطط التوسع في مشروعات الطاقة المتجددة ومصادر الطاقة منخفضة الكربون منذ العام الماضي.
وتتوقع وود ماكنزي أن تحدد شركات النفط الأوروبية الكبرى سقفًا لاستثمارات الطاقة المتجددة ومنخفضة الانبعاثات بنسبة 30% من إجمالي الموازنات، مع انسحابها من المشروعات منخفضة العائد.
بينما ستتراوح مخصصات شركات النفط العالمية الكبرى وشركات النفط الوطنية في هذا المجال من 10% إلى 20% من إجمالي الموازنات، بحسب التقرير، الذي اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
وإلى جانب هذه التدابير، يُتوقع أن تتجه الشركات إلى خفض التكاليف الهيكلية لتعزيز هوامش الربح والتحوط من تقلبات الاقتصاد الكلي؛ ما سيدفعها إلى خفض أعداد الموظفين، والتوسع في تدابير الكفاءة القائمة على الذكاء الاصطناعي.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر:
تحليل اتجاهات إنفاق شركات النفط والغاز خلال 2026، من وود ماكنزي
