أخبار عاجلة
شاومي 17 برو Xiaomi 17 Pro رسميًا بخصائص مدهشة -

لعبة العروش المائية.. الطموح الإثيوبي البحري يهدد بتفجير الصراعات في القرن الأفريقي

لعبة العروش المائية.. الطموح الإثيوبي البحري يهدد بتفجير الصراعات في القرن الأفريقي
لعبة العروش المائية.. الطموح الإثيوبي البحري يهدد بتفجير الصراعات في القرن الأفريقي

تقف منطقة القرن الأفريقي عند مفترق طرق حاسم، حيث تهدد الطموحات البحرية المتجددة لإثيوبيا بإشعال مواجهات عسكرية محتملة وإعادة رسم الخريطة الجيوسياسية للمنطقة، بعد أن تحولت أنظار رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، إلى البحر الأحمر، مطلقاً وصفة "مسألة وجودية" لحاجة بلاده إلى منفذ بحري مباشر. 

وحسب تقرير لـ" إندبندنت عربية " فإن هذه المطالب التي تستند لسرديات تاريخية لمملكة أكسوم التي امتدت سواحلها إلى البحر الأحمر قبل قرون، لم تعد مجرد نزاع ثنائي مع إريتريا المجاورة، بل تشكل تحدياً أساسياً للتوازن الدقيق للقوى الإقليمية الذي حكم العلاقات العربية - الأفريقية لعقود. 

أما الخطاب الإثيوبي المتصاعد حول ما يسميه آبي أحمد "الحدود الطبيعية لإثيوبيا" فيدفع بمنطق القوة والقدرات الديموغرافية والاقتصادية كبديل لمبدأ السلامة الإقليمية الذي دعمه الاتحاد الأفريقي، مما يضع المنطقة على حافة الهاوية، ويهدد مصالح الدول العربية الحيوية في أحد أكثر الممرات المائية استراتيجية في العالم.

جذور الأزمة.. من مملكة أكسوم إلى الدولة الحبيسة

لطالما كان البحر الأحمر شريان حياة لبلاد الهضبة الإثيوبية، لكن هذا الواقع تغير جذرياً في مطلع تسعينيات القرن الماضي.

 بعد استقلال إريتريا في عام 1993 إثر استفتاء نظمته الأمم المتحدة، تحولت إثيوبيا إلى أكبر دولة حبيسة في العالم من حيث عدد السكان. يعود تاريخ العلاقة مع البحر إلى حضارة مملكة "أكسوم" العريقة التي امتلكت موانئ مزدهرة مثل "عدوليس" على البحر الأحمر، مما جعلها مركزاً تجارياً بارزاً. 

غير أن السيطرة على الساحل تنقلت عبر القرون بين قوى مختلفة كالعثمانيين والمصريين والإيطاليين، قبل أن تضم إثيوبيا إريتريا في اتحاد فدرالي عام 1952 ثم تلغيه الإمبراطورية الإثيوبية لتبدأ حرب استقلال دامية استمرت ثلاثين عاماً، وهذا الإرث التاريخي هو ما تغذيه النخب الإثيوبية اليوم لترويج فكرة "الأمة المحاصرة باليابسة"، التي تحولت مع الزمن إلى سردية قومية تبرر الطموح لاستعادة المنفذ البحي، الذي يراه البعض "لعنة تاريخية" يجب كسرها.

الخطاب الإثيوبي.. بين التهديد العسكري والضغط الدبلوماسي

كشف تطور تصريحات آبي أحمد منذ خريف عام 2023 عن استراتيجية ضغط ، ففي خطاب صادم أمام البرلمان في أكتوبر 2023، أعلن أن حصول إثيوبيا على منفذ بحري خاص هو "قضية وجودية"، مشيراً إلى أن سكان إثيوبيا الذين سيصل عددهم إلى 150 مليوناً بحلول 2030 "لا يمكنهم العيش في سجن جغرافي"، ومهدداً بأنه "في غياب الإنصاف والعدل، فإنها مجرد مسألة وقت حتى نقاتل". 

هذا الخطاب التصعيدي لم يكن منعزلاً، حيث أعقبه رئيس أركان الجيش الإثيوبي، المشير برهانو جولا، داعياً عناصر البحرية إلى "الاستعداد للاستيلاء على مينائكم البحري في أي وقت". 

غير أن آبي أحمد خفف من حدّة لهجته لاحقاً أمام القوات المسلحة، مؤكداً أن بلاده "ملتزمة بالمصلحة المشتركة ولن تسعى إلى تحقيق أهدافها عبر الحرب"، بل من خلال الحوار، وهو تحول من التهديد إلى الطمأنة لا يُفهم كتناقض، بل كمناورة دبلوماسية توازن بين الضغط النفسي على الجيران وتهدئة مخاوف المجتمع الدولي.

الرد الإريتري والخيارات المتاحة

لم تتردد إريتريا في الرد على التصريحات الإثيوبية بردود قاسية، حيث وصفتها وزارة الإعلام الإريترية بأنها "طائشة ومهددة للاستقرار الإقليمي وتنتهك مبادئ القانون الدولي". وأكدت أسمرة أن ميناء عصب هو "جزء لا يتجزأ من السيادة الإريترية" منذ الاستقلال، وأن أي محاولة للمساس به تمثل "مقامرة جيوسياسية خطيرة". 

ويعكس الرفض الحازم مخاوفاً تاريخية عميقة الجذور؛ فإريتريا التي خاضت حرب تحرير طويلة ثم حرباً حدودية مدمرة بين عامي 1998 و2000 ضد إثيوبيا، ترى في أي مطالب إثيوبية بالبحر الأحمر تهديداً مباشراً لكيانها الوطني الذي تأسس على فكرة الانفصال. ورغم التحالف الموقت بين البلدين خلال حرب تيغراي، فإن علاقتهما عادت إلى حالة من التوجس المتبادل. 

وفي هذا السياق، يرى محللون أن الخيار الواقعي لأديس أبابا لا يتمثل في الضم أو الاستيلاء، بل في السعي إلى اتفاقيات طويلة الأمد تمنحها امتيازات تجارية أو عسكرية في الميناء، شبيهة بترتيبات تأجير الموانئ، وهو حل قد يخفف من حدة التصعيد لكنه يحتاج إلى ثقة مفقودة بين الجارتين.

تداعيات عميقة على المصالح العربية

لا يهدد التصعيد الإثيوبي - الإريتري الاستقرار بين البلدين فحسب، بل يحمل تداعيات عميقة للمصالح العربية الحيوية،  فالبحر الأحمر يمثل شرياناً حيوياً يربط البحر المتوسط بالمحيط الهندي، وهو ممر حيوي لمصادر الطاقة الخليجية وشريان حياة لمصر عبر قناة السويس، لذلك، فإن أي اضطراب في هذه الممرات المائية بسبب صراع عسكري محتمل سيكون له تأثير مباشر على الأمن الاقتصادي والعسكري العربي. من ناحية أخرى، يشكل الموقع الاستراتيجي لإريتريا على طول البحر الأحمر شريكاً قيماً لدول الخليج التي استثمرت في مرافق الموانئ الإريترية واتفاقات التعاون العسكري.

 كما أن التصعيد الإثيوبي، خاصة بعد توقيع اتفاقية مثيرة للجدل مع إقليم أرض الصومال الانفصالي، يخلق سابقة خطيرة تشجع الحركات الانفصالية في جميع أنحاء القرن الأفريقي، لا سيما في السودان الذي يعاني أصلاً من ضغوط انفصالية، وعلى الصعيد المصري، فإن التحركات الإثيوبية تؤخذ في الاعتبار ليس فقط في سياق أزمة لقدراتها البحرية المحتملة التي يمكن أن تؤثر في أمن قناة السويس وأمن الشحن في البحر الأحمر.

تحالفات متغيرة وأدوار دولية فاعلة

أدت هذه التطورات إلى إعادة تشكيل التحالفات في المنطقة. فإريتريا، التي تدرك قوة ورقة موقعها، تسعى لتعزيز تحالفاتها مع مصر والدول العربية الأخرى لموازنة الضغط الإثيوبي. في المقابل، تحاول إثيوبيا تعزيز وجودها من خلال شراكات مع أطراف غير تقليدية، حيث أعادت تأسيس أسطولها البحري بمساعدة فرنسية، وسعت إلى اتفاقيات مع إسرائيل. 

كما أن للقوى الدولية دوراً فاعلاً؛ فالصين التي تمول وتدير جزءاً كبيراً من البنية التحتية للموانئ في جيبوتي، لديها مصلحة في استقرار المنطقة، وفي الوقت نفسه، وجهت رسائل دبلوماسية من مجلس العلاقات الخارجية الأوروبي والخارجية الأمريكية إلى أديس أبابا تحذيرات من أن استمرار التصعيد قد يترتب عليه تقييد المساعدات وتجميد برامج التعاون. كل هذه العوامل تجعل من الضروري قيام إجراءات تعاون أمني ومعلوماتي عربي، وتنشيط الحوار بين الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي لاحتواء الأزمة قبل انفلات الأمور.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق وزير الثقافة يشهد ختام الدورة الـ15 من مهرجان الإسكندرية المسرحي الدولي| صور
التالى في حالة تعفن.. العثور على جثة موظف بالمعاش داخل شقة بالبحيرة