ألقى الرئيس السوري أحمد الشرع، الأربعاء، خطابًا مهمًا خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بدورتها الثمانين، تحدث فيه عن واقع سوريا الداخلي، والتحديات التي تواجهها، وسبل إعادة الإعمار، كما تناول الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على الأراضي السورية، مؤكدًا التزام بلاده باتفاق فض الاشتباك لعام 1974.
سوريا بين الألم والأمل
في كلمته أمام ممثلي الدول الأعضاء، وصف الشرع الوضع في سوريا بأنه "حكاية تهيج فيها المشاعر ويختلط فيها الألم بالأمل"، مشددًا على أن الصراع السوري يمثل مواجهة بين الحق الضعيف والباطل القوي. وأضاف أن الرواية السورية تحمل عبرًا إنسانية، وتجسد معاني الشجاعة والتضحية والفداء في مواجهة الظلم والقهر الذي استمر لعقود.
وأشار الشرع إلى أن سوريا، عاصمة الحضارات ومهد التاريخ، تعرضت لسياسات قمعية وممارسات إرهابية تهدف إلى تدمير البنية الاجتماعية والاقتصادية، حيث قُتل نحو مليون شخص وهُجر 14 مليون إنسان، بينما هُدمت ملايين المنازل وأُخضعت البلاد للاحتلال الأجنبي والتدخلات العسكرية المختلفة.
استعادة الحقوق والعدالة
أكد الرئيس السوري أن الشعب السوري، على الرغم من ما تعرض له من أدوات القتل والتنكيل والتعذيب، استطاع أن ينظم صفوفه ويستعيد حقوقه عبر عمليات عسكرية دقيقة، أُحسن فيها استخدام القوة، مع الحرص على تجنب تهجير المدنيين أو قتل الأبرياء. وأضاف الشرع أن هذا النصر مهد الطريق لعودة اللاجئين إلى ديارهم، وقضى على تجارة المخدرات التي كانت تنتقل من سوريا إلى الخارج، مؤكدًا أن الدولة تعمل على تحقيق العدالة للضحايا عبر لجان لتقصي الحقائق بالتعاون مع الأمم المتحدة.
التحديات الإقليمية والدبلوماسية
تطرق الشرع إلى التهديدات الإسرائيلية المستمرة، مشيرًا إلى أن السياسات الإسرائيلية تتناقض مع المواقف الدولية الداعمة لسوريا، وتستغل المرحلة الانتقالية لإثارة نزاعات جديدة قد تهدد استقرار المنطقة.
وأشار الرئيس السوري إلى أن بلاده تتعامل مع هذه التحديات عبر الحوار والدبلوماسية، ملتزمة باتفاق فض الاشتباك لعام 1974، داعيًا المجتمع الدولي للوقوف إلى جانب سوريا واحترام سيادتها ووحدة أراضيها. وأكد أن السياسة السورية ترتكز على الدبلوماسية المتوازنة، الاستقرار الأمني، والتنمية الاقتصادية، إضافة إلى تعزيز حوكمة وطنية عادلة وإعادة هيكلة المؤسسات المدنية والعسكرية، وضمان حصر السلاح بيد الدولة.
إعادة الإعمار والشراكات الدولية
أكد الشرع أن سوريا بدأت مسيرة إعادة الإعمار عبر تحريك الاستثمارات وتعزيز المشاريع الوطنية، والعمل على فتح قنوات التعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين. وأوضح أن بلاده تسعى تدريجيًا إلى رفع العقوبات المفروضة عليها، محذرًا من أن استمرار هذه العقوبات يشكل عائقًا أمام التنمية ويحد من حرية الشعب السوري.
كما شدد الرئيس السوري على أن نجاح أي اتفاق مع إسرائيل يمكن أن يكون بوابة لتعميم السلام في المنطقة، مؤكدًا أن الإنجاز السوري في الحفاظ على وحدة البلاد وحقوق المواطنين يعكس الإرادة الوطنية والشجاعة في مواجهة التحديات الكبرى.
في خطاب تاريخي، قدّم الرئيس السوري أحمد الشرع صورة واضحة عن واقع سوريا بعد عقود من الصراع، مؤكدًا على حقوق الشعب السوري، التزام الدولة بالسلام الداخلي، والحوار الدبلوماسي مع الأطراف الدولية، إضافة إلى تسليط الضوء على أهمية إعادة الإعمار والشراكات الاقتصادية كركيزة لتحقيق الاستقرار والتنمية.