في مشهد يعكس تحوّلات جذرية في خريطة الطاقة المصرية، تستعد القاهرة لإطلاق أول وحدة تغويز ثابتة داخل مصنع إدكو بمحافظة البحيرة، بميزانية تصل إلى 200 مليون دولار، والمشروع يمثل نقلة استراتيجية تهدف إلى تقليص الاعتماد على الوحدات العائمة المكلفة، وتلبية الارتفاع المتسارع في استهلاك الغاز المحلي.
تبدأ الوحدة التشغيل في أغسطس 2027
تقوم الخطة على شراكة ثلاثية بين الحكومة المصرية وعملاقي الطاقة العالميين "شل" و"بتروناس"، اللذين يملكان معاً النصيب الأكبر من محطة إدكو، ومن المقرر أن تبدأ الوحدة التشغيل في أغسطس 2027، بحيث تعود ملكيتها بالكامل للدولة بعد انتهاء عقد الامتياز القائم.
المصنع، الذي تأسس عام 2005 كمركز لإسالة الغاز وتصديره، يدخل اليوم مرحلة جديدة عبر إعادة تكييف بنيته لتخزين الغاز المسال المستورد وإعادة تحويله إلى صورته الغازية ليمد الشبكة القومية، ويستوعب المصنع خزانين عملاقين بسعة 140 ألف متر مكعب لكل منهما، ما يمنحه مرونة واسعة في استيعاب الشحنات المصدّرة أو المستوردة.
تزايد الاستهلاك المحلي وتراجع إنتاج الحقول
خطوة إدكو تأتي في وقت تواجه فيه مصر تحديات كبيرة في سوق الطاقة؛ فبعد أن كانت مصدّراً مهماً للغاز، تحولت سريعاً إلى مستورد صافٍ مع تزايد الاستهلاك المحلي وتراجع إنتاج الحقول.
وتكشف الأرقام عن حجم الفجوة، ففي النصف الأول من 2025 وحده استوردت مصر أكثر من 8.6 مليار متر مكعب من الغاز، مقابل صادرات هزيلة لم تتجاوز 0.8 مليون طن عام 2024.
وتشير التقديرات الرسمية إلى أن البلاد ستظل تعتمد على استيراد الغاز حتى عام 2030 تقريباً، قبل أن تعاود التصدير مع ارتفاع الإنتاج المتوقع إلى 6.6 مليار قدم مكعب يومياً بحلول 2027، مقارنة بـ4.1 مليار قدم مكعب حالياً.
تحرك مدروس لتخفيف أعباء الإيجارات الباهظة للوحدات العائمة
المشروع لا يمثل مجرد توسع في البنية التحتية، بل يعكس تحركاً مدروساً لتخفيف أعباء الإيجارات الباهظة للوحدات العائمة، التي تتجاوز تكلفتها السنوية 200 مليون دولار، إنه خيار طويل الأمد يعزز أمن الطاقة ويفتح الباب أمام عودة مصر إلى خريطة التصدير مستقبلاً.