كتب
روزاليوسف
ليس المهم أن تندلع النيران، بل أن تعرف كيف تطفئها وتتجاوز تداعياتها سريعًا.. ورغم الدخان الكثيف، لم تهتز الدولة.. التى أعادت بناء نفسها خلال عقد من الزمن ووضعت سيناريوهات مختلفة تؤكد «امتلاك القدرة» للتعامل مع أى طارئ بأقل الخسائر وفى أسرع وقت.
حريق سنترال رمسيس، ورغم صعوبته، لم يكن اختبارًا لوجود الدولة، بل اختبارًا لجاهزيتها.. وقد نجحت.. على مدار عشر سنوات ركزت الدولة على تدعيم البنية الأساسية فى قطاع الاتصالات بل تكاد تكون قد أعدت قطاعًا بديلاً لما كان موجودًا سواء فى البنية التحتية أو إنشاء مقرات وبدائل جديدة فى العاصمة الإدارية مثل إنشاء مركز البيانات والحوسبة السحابية الحكومية فى العاصمة الإدارية الجديدة، والذى يمثل «عقل الدولة الإلكترونى» وقلعتها الرقمية الحصينة، ومن أهم أهدافه حماية البيانات، حيث أقيم المركز على أعلى درجة من التأمين تحول دون استهدافه، ويعتمد على تكنولوجيا متقدمة فى حماية البيانات والأمن القومى، لذا يحافظ على جميع البيانات التى تهم الدولة والمواطنين.
لم يكن مجرد حريق فى مبنى، بل لحظة اختبار حقيقية لقدرة الدولة على التعامل مع أزمة تمس عصب البنية التحتية: الاتصالات.
المتشائمون كالعادة تصدروا المشهد، وراحوا يرددون أسطوانة: «إزاى بلد بحجم مصر تعتمد على سنترال واحد؟»، لكن الحقيقة، كما قالها رئيس الوزراء بوضوح، أن الدولة ليست معتمدة على سنترال رمسيس بصورة واحدة، وأن الشبكة قاومت، وأن خطة الطوارئ نجحت فى إعادة الخدمة خلال أقل من 24 ساعة.
الأهم، أن هذا الحريق كشف عن تضافر حقيقى بين مؤسسات الدولة، من وزارة الاتصالات، لهيئة الإسعاف، لإدارة الحماية المدنية التى خاضت ملحمة حقيقية فى مواجهة النيران، كما وصفها رئيس الحكومة بنفسه.
الأزمة كانت اختبارًا.. واستجابة الدولة أكدت أن مصر اليوم ليست كما كانت.
لولا الاستثمارات الهائلة والتطوير الجذرى فى قطاع الاتصالات خلال السنوات الأخيرة، لما أمكننا تجاوز الحريق بهذه السرعة والكفاءة.. لولا التطوير كان من الممكن أن نعيش فى ظلام رقمى لأيام، لكن بدائل الطوارئ دخلت حيز التنفيذ بسرعة.
وضعت مصر أمام عينيها أن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات كقاطرة التنمية فى القرن الحادى والعشرين؛ ليس فقط لكونه من أسرع القطاعات نموًا، بل لأنه من أكثرها تأثيرًا فى إعادة تشكيل ملامح الاقتصاد الحديث، وإحداث نقلة نوعية فى طريقة تقديم الخدمات، وإنتاج المعرفة، وتطوير التعليم، والرعاية الصحية، والإدارة الحكومية.
ما حدث يعيد التأكيد على أننا نعيش فى دولة كبيرة، لا تهزها الأزمات، بل تكشف قدرتها على المواجهة.. تأثرت الخدمات نعم، لكنها لم تنقطع بشكل كامل وتأثيرها محدود ولم تنهَر البلاد، بل نجحت فى لملمة نفسها سريعًا واقتصر الأمر فى النهاية على حريق محدود فى سنترال من ضمن العشرات التى تقدم الخدمة.
ولمن يشككون دائمًا؛ نقول إن الدولة التى تتعامل مع الكوارث بهذا النضج، لا تُربكها الأزمات، ولا تُرهقها المفاجآت.
الحقيقة الأكيدة والباقية هى أن مصر أقوى من أى أزمة، وأكبر من المتشائمين.
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" روز اليوسف "