استطلاع للرأي: نصف الأمريكيين يرون أن إسرائيل "تجاوزت الحدود" في غزة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أظهر استطلاع للرأي العام الأمريكي، نُشرت نتائجه اليوم الخميس، أن نصف المواطنين في الولايات المتحدة باتوا يرون أن إسرائيل "تجاوزت الحدود" في عملياتها العسكرية المستمرة بقطاع غزة، في مؤشر جديد على تزايد الانتقادات الشعبية للنهج الإسرائيلي في إدارة الصراع، وارتفاع حدة القلق بشأن الأوضاع الإنسانية في القطاع المحاصر.

وبحسب الاستطلاع، الذي أجرته مؤسسة بحثية أمريكية مرموقة، فإن 50% من المشاركين أكدوا أن مستوى القوة المستخدمة من قبل إسرائيل في غزة "مبالغ فيه" ولا يتناسب مع حجم التهديدات الأمنية التي تعلنها تل أبيب. فيما رأى نحو 28% أن التدخل العسكري الإسرائيلي "مبرر وضروري"، بينما أعربت النسبة المتبقية عن عدم قدرتها على تحديد موقف واضح.

ويُعد هذا التحول في المزاج العام الأمريكي لافتًا للنظر، إذ تأتي نتائجه في ظل تواصل الحرب الإسرائيلية على القطاع للشهر الحادي عشر على التوالي، وسط تقارير أممية وتحذيرات متكررة من منظمات حقوقية وإنسانية بشأن ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين، وانهيار الخدمات الأساسية من غذاء ومياه وكهرباء ورعاية صحية.

من جانبه، أشار تقرير المؤسسة البحثية إلى أن فئة الشباب الأمريكي (18 – 35 عامًا) تُبدي انتقادات أشد لسياسات إسرائيل، حيث اعتبر 62% منهم أن العمليات العسكرية "غير مبررة"، بينما أبدى كبار السن (فوق 55 عامًا) ميلًا أكبر لدعم الموقف الإسرائيلي. كما أظهر الاستطلاع أن نسبة معتبرة من الناخبين الديمقراطيين تميل إلى التعاطف مع الفلسطينيين، في حين حافظ الجمهوريون على دعم أكبر لإسرائيل.

ويأتي هذا الاستطلاع في وقت تتعرض فيه الإدارة الأمريكية لضغوط متزايدة من الرأي العام ومن بعض أعضاء الكونغرس لوقف الدعم غير المشروط لإسرائيل، والمطالبة بربط المساعدات العسكرية الأمريكية بمدى التزام تل أبيب بالقانون الدولي الإنساني. وكان عدد من النواب الديمقراطيين قد وجهوا في وقت سابق رسائل مفتوحة للرئيس الأمريكي، دعوا خلالها إلى تبني موقف أكثر توازنًا في التعامل مع الصراع.

على الصعيد الدولي، تتقاطع نتائج هذا الاستطلاع مع مواقف غالبية الحكومات الأوروبية التي عبّرت عن قلقها البالغ إزاء "الاستخدام المفرط للقوة" في غزة، فيما دعت الأمم المتحدة مرارًا إلى وقف إطلاق النار وتسهيل إدخال المساعدات الإنسانية. وتعتبر هذه النتائج مؤشرًا على أن الرأي العام الأمريكي لم يعد بمعزل عن التحولات الأوسع في الموقف العالمي من الحرب الجارية.

ويرى مراقبون أن تغير المزاج الشعبي الأمريكي، وإن كان تدريجيًا، قد ينعكس في المدى المتوسط على سياسات واشنطن الخارجية، خصوصًا إذا استمر النزاع لفترة أطول وارتفعت التكلفة الإنسانية والاقتصادية والدبلوماسية للحرب. كما أن الانتخابات الرئاسية المقبلة قد تشكل ساحة اختبار لهذه التوجهات، حيث يسعى المرشحون إلى كسب أصوات الناخبين الشباب الذين يظهرون ميلًا متزايدًا إلى دعم الحقوق الفلسطينية.

في المقابل، تواصل الحكومة الإسرائيلية الدفاع عن موقفها، مؤكدة أن عملياتها العسكرية في غزة تستهدف "القضاء على التهديدات الأمنية الصادرة عن الفصائل المسلحة"، معتبرة أن ما تواجهه "حرب وجودية" لا يمكن المساومة عليها. غير أن هذا الخطاب لم يعد يجد الصدى ذاته لدى قطاعات متزايدة من الأمريكيين، الذين يرون أن الكلفة الإنسانية للحرب تجاوزت حدود المقبول.

ويخلص الاستطلاع إلى أن النقاش الداخلي في الولايات المتحدة حول الموقف من إسرائيل وغزة يتجه ليصبح أكثر انقسامًا، بما يعكس تحولًا تدريجيًا في الرأي العام قد يؤثر على شكل السياسات الأمريكية تجاه الشرق الأوسط خلال السنوات المقبلة.