أخبار عاجلة

أنا سليمان شفيق.. والقلم لا يموت

أنا سليمان شفيق.. والقلم لا يموت
أنا سليمان شفيق.. والقلم لا يموت
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

من السماء، حيث تتحدث الأقلام إلى النجوم، يتحدث الكاتب الصحفى المرموق سليمان شفيق فيقول:

يا أصدقائي، يا رفاق الدرب الطويل، يا تلاميذي الذين كنتم تستمعون إليّ في الندوات والحوارات… إذا كنتم تسمعون صوتي الآن، فاعلموا أنني لم أرحل حقًا. أنا سليمان شفيق، ابن المنيا الصعيدية الذي ولد في 7 مارس 1953، وكبرتُ بين أنهار النيل والأفكار الثورية. من هناك، في عالم الضوء الأبدي، أكتب إليكم هذه الرسالة كما كنتُ أكتب مقالاتي في "البوابة" و“الأهالى” و“وطنى” و"اليوم السابع" وغيرها، ليس كسيرة ذاتية مملة، بل كقصيدة حية عن رجل آمن أن اليسار هو قدم الإنسانية الوحيدة للسير إلى الأمام، وأن المواطنة ليست طائفية ضيقة، بل واحة جامعة تضم المسلم والمسيحي في حضن مصر الأم.

تخيلوا معي: أنا لست مجرد كاتب صحفي، بل أنا مستكشف في غابة الأفكار. كنتُ أقاتل تحت اسم مستعار “رفعت” في لبنان مع المقاومة الفلسطينية. كان ذلك زمنًا خارج الصندوق تمامًا – تخيلوا صحفيًا يمسك السلاح بدلًا من القلم! لم أكن أبحث عن البطولة، بل عن الحق، عن فلسطين التي هي جزء من هويتنا المصرية الكبيرة. هناك، في خنادق الجنوب اللبناني، تعلمتُ أن الحرية ليست كلمة، بل هى دم يجري في عروق الشعوب.

في شبابي، سافرتُ إلى موسكو عام 1987 لأحصل على ماجستير الإعلام من جامعة موسكو، ليس لأتعلم الكتابة فحسب، بل لأفهم كيف يمكن للكلمات أن تكون سلاحًا ضد الظلم. عدتُ إلى القاهرة، مدينتي الثانية، وانضممتُ إلى حزب التجمع اليساري.

فى مصر، كنتُ الكاتب الذي يرفض الاصطفاف الأيديولوجي الضيق. كتبتُ عشرات الدراسات العلمية، وشاركتُ في مؤتمرات فكرية وندوات ثقافية، دائمًا أدافع عن المواطنة الشاملة. أتذكرون؟ كنتُ أقول: “لا أريد أن أوصف بـ(الكاتب القبطي)، فأنا مصري أولًا وقبل كل شيء، وهويتي الوطنية تضم الجميع – مسلمين ومسيحيين – في سبيكة واحدة من التاريخ والإنسانية". كنتُ أكره الطائفية كما يكره الشجر الجفاف؛ إنها تقتل الروح الوطنية. في مقالاتي، كنتُ أنتقد الاستبداد، أدعو إلى التنوير والتقدم، وأؤمن أن اليسار هو الطريق الوحيد للعدالة الاجتماعية. حتى آخر أيامي، كنتُ أشارك في الحوارات العامة بحماسة الشباب، بنقاء مهني لا يعرف التنازل.

والآن، من هنا في السماء، أنظر إليكم وأقول: لا تبكوا رحيلي في 15 سبتمبر 2025، بل احتفلوا بالبصمة التي تركتُها. فقدتُم صوتًا وطنيًا حرًا، كما قال نقيب الصحفيين خالد البلشي، لكن هذا الصوت يعيش في كل مقال قرأتموه، في كل ندوة شاركتم فيها فكري. أصدقائي مثل محمود كامل ومالك عدلي ينعونني اليوم، يقولون إنني كنتُ صحفيًا كما يجب أن يكون، حتى آخر لحظة. وعبد الرحيم علي يثني على مسيرتي الفكرية.. ورفيق دربى محمود حامد يُبكينى كصديق عمره على مدى نصف قرن.. أما أنا، فأقول لكم: استمروا في الكفاح، يا رفاق. القلم لا يموت، والفكر الموضوعي هو الذي يبني المجتمعات الحديثة. إذا كنتم تريدون تكريمي، فاكتبوا مقالاتكم بجرأة، دافعوا عن الحقوق الإنسانية، واجعلوا مصر واحة للحرية.

وداعًا، لكن ليس إلى الأبد. سأراكم في صفحات التاريخ، حيث تظل أرواحنا حية.. مع خالص الحب والسلام،،.

توقيع: سليمان شفيق

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق الصحة الفلسطينية: غزة تحولت إلى «سجن مفتوح»
التالى وزيرة التخطيط تبحث مع وزير خارجية إسبانيا تعزيز الشراكة التنموية