أخبار عاجلة

تحالف عسكري.. اتفاقية دفاع شاملة بين السعودية وباكستان

تحالف عسكري.. اتفاقية دفاع شاملة بين السعودية وباكستان
تحالف عسكري.. اتفاقية دفاع شاملة بين السعودية وباكستان

شهدت العاصمة السعودية الرياض الأربعاء حدثاً وُصف بالتاريخي في مسار العلاقات السعودية الباكستانية، حيث وقّع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ورئيس الوزراء الباكستاني محمد شهباز شريف، اتفاقية دفاع استراتيجي مشترك تُعد الأولى من نوعها بهذا المستوى بين البلدين. وتم توقيع الاتفاق في قصر اليمامة، ليضع إطاراً جديداً للتعاون العسكري والأمني، ويعكس عمق الشراكة الممتدة بين البلدين منذ عقود.

التزام متبادل بالأمن المشترك

نصت بنود الاتفاقية على أن "أي اعتداء على أي من البلدين سيُعتبر اعتداءً على كليهما"، وهو ما يضعها في مصاف التحالفات الدفاعية الكبرى على مستوى العالم. وأوضح البيان المشترك أن الهدف هو تعزيز الردع المتبادل وتطوير الصناعات الدفاعية والتدريب ونقل التكنولوجيا، بما يجعلها اتفاقية شاملة تتجاوز حدود التعاون العسكري التقليدي.

شراكة لا ترتبط بالظروف 

أكد مسؤول سعودي بارز أن الاتفاقية لا تأتي استجابة لظرف سياسي أو أمني محدد، بل تعكس رؤية استراتيجية طويلة الأمد. وقال إن الاتفاقية تشمل "جميع الوسائل العسكرية"، ما يجعلها خطوة نوعية تفتح الباب أمام تعاون متكامل في المجالات الدفاعية والأمنية والصناعية. ويبرز هذا البعد الاستراتيجي في ظل التغيرات الجيوسياسية المتسارعة في المنطقة والعالم.

بحث قضايا إقليمية ودولية

لم يقتصر اللقاء بين الجانبين على توقيع الاتفاقية، بل شمل استعراض العلاقات الثنائية والجهود التنسيقية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية. وناقش الطرفان تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط وآسيا، إضافة إلى القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك، حيث شددا على ضرورة التعاون لمواجهة التحديات الأمنية والإرهابية، والعمل على ترسيخ الاستقرار الإقليمي.

زيارات تمهّد للتوقيع

جاءت هذه الاتفاقية تتويجاً لسلسلة من اللقاءات والزيارات المتبادلة. ففي مارس الماضي، زار وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان إسلام أباد، وحضر العرض العسكري السنوي بمناسبة "يوم باكستان". كما التقى قائد الجيش الباكستاني الجنرال عاصم منير، خلال زيارته الأخيرة إلى الرياض، ولي العهد والأمير خالد بن سلمان، حيث تم بحث سبل تعزيز التعاون الأمني والعسكري.

جذور التعاون العسكري

بدأت العلاقات الدفاعية بين البلدين مبكراً، إذ وقّع بروتوكول دفاعي عام 1967 سمح بوجود مستشارين عسكريين باكستانيين في المملكة، وتدريب الضباط السعوديين في الأكاديميات الباكستانية.

 وتوسع التعاون عام 1982 بتوقيع بروتوكول جديد مكّن من تمركز القوات الباكستانية في المملكة لأغراض دفاعية وتدريبية، إضافة إلى مجالات التصنيع والتقاسم الدفاعي. ومنذ ذلك الحين، عُقدت اجتماعات دورية بين مسؤولي الدفاع في البلدين لتنسيق الأنشطة العسكرية والاستراتيجية.

مكافحة الإرهاب ضمن أولويات الشراكة

لم يقتصر التعاون الدفاعي على التدريب والتصنيع، بل امتد إلى مكافحة الإرهاب على المستوى الدولي. ففي عام 2017، تولى القائد السابق للجيش الباكستاني الجنرال رحيل شريف منصب القائد العسكري للتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب الذي تقوده السعودية، ويضم 42 دولة إسلامية، ما عكس مستوى الثقة المتبادلة بين الرياض وإسلام أباد.

بعد اقتصادي وثيق

إلى جانب التعاون الدفاعي، ترتبط السعودية وباكستان بروابط اقتصادية متينة. فالمملكة تُعد أكبر مصدر للنفط إلى باكستان، كما تقدم مساعدات مالية ضخمة، في حين تشكّل تحويلات العمالة الباكستانية في المملكة أحد أهم مصادر العملة الأجنبية لاقتصاد باكستان. هذه الشراكة الاقتصادية تعزز من متانة العلاقات السياسية والعسكرية، وتجعلها متعددة الأبعاد.

استثمارات استراتيجية متنامية

شهدت السنوات الأخيرة دفعة قوية في مجال الاستثمارات المشتركة. ففي عام 2018، أعلنت المملكة عن مشروع مصفاة نفطية في ميناء جوادر بطاقة 500 ألف برميل يومياً، كما التزمت في 2019 بضخ 20 مليار دولار لدعم مشاريع تنموية في باكستان. وفي أبريل 2024، اتفق الجانبان على تسريع تنفيذ حزمة استثمارات بقيمة 5 مليارات دولار في مجالات الطاقة والتعدين والبنية التحتية، ما يجعل الجانب الاقتصادي موازياً للجانب الدفاعي في عمق الشراكة.

خلفية تاريخية تعود لما قبل الاستقلال

ترجع جذور العلاقات السعودية الباكستانية إلى ما قبل استقلال باكستان عام 1947، حين زار ولي العهد السعودي آنذاك الأمير سعود بن عبد العزيز مدينة كراتشي عام 1940. ومنذ ذلك الحين، تطورت العلاقات لتشمل الجوانب السياسية والدينية والثقافية، إلى جانب التعاون الاقتصادي والدفاعي. ويؤكد مركز بيو للأبحاث أن الباكستانيين يُعدّون من أكثر الشعوب إيجابية تجاه المملكة، حيث ينظر 9 من كل 10 باكستانيين إليها بشكل إيجابي.

دعم متبادل في الأزمات

على مدار العقود الماضية، وقفت السعودية إلى جانب باكستان في أزماتها الكبرى. ففي أعقاب التجارب النووية الباكستانية عام 1998، قدمت الرياض دعماً مالياً عاجلاً وشحنات نفط مؤجلة. كما دعمت باكستان في مواجهاتها مع الهند، فيما حرصت إسلام أباد على دعم المملكة في قضاياها الإقليمية والدولية، ما جعل العلاقة بين البلدين تُصنف ضمن أقوى التحالفات في العالم الإسلامي.

نقلة نوعية نحو شراكة شاملة

تعكس الاتفاقية الدفاعية الجديدة مرحلة انتقالية في العلاقات بين البلدين، إذ تجمع بين البُعد الأمني والعسكري والاقتصادي، وتفتح آفاقاً واسعة لشراكة شاملة في ظل المتغيرات الدولية. وبذلك، فإن توقيعها لا يُعتبر مجرد وثيقة ثنائية، بل نقطة تحول استراتيجية تحمل تأثيرات أوسع على أمن المنطقة واستقرارها.
 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق شوبير: الأهلي يفتح باب التجديد لـ3 لاعبين ويحدد مستقبل بيكهام
التالى مانشستر يونايتد يضع دايوت أوباميكانو في راداره لتعويض مغادرة ماجواير