أخبار عاجلة

تصعيد خطير على حدود باكستان وأفغانستان.. هجوم دموى يعيد الأزمة الأمنية إلى الواجهة

تصعيد خطير على حدود باكستان وأفغانستان.. هجوم دموى يعيد الأزمة الأمنية إلى الواجهة
تصعيد خطير على حدود باكستان وأفغانستان.. هجوم دموى يعيد الأزمة الأمنية إلى الواجهة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في المناطق الحدودية الوعرة بين باكستان وأفغانستان، وقع هجوم دموي جديد أعاد إلى الواجهة الصراع المتصاعد بين السلطات الباكستانية وحركة طالبان باكستان. ووقع الهجوم عند الساعة الرابعة فجرًا، حينما كانت قافلة مشتركة من الجيش الباكستاني وقوات حرس الحدود تمر في إحدى الطرق القريبة من الخط الحدودي مع أفغانستان. وشنّ المسلحون هجومًا منسقًا باستخدام أسلحة ثقيلة من جانبي الطريق، مما أسفر عن مقتل ١٢ جنديًا على الأقل، في ما يُعتبر من أكثر الهجمات دموية خلال الأشهر الأخيرة. 
لم تكتفِ الجماعة المسلحة بالهجوم فحسب، بل استولت على أسلحة ومعدات عسكرية، بما في ذلك عشرة رشاشات وطائرة مسيّرة، وفق ما أعلنته الحركة في بيان لها، واصفة العملية بأنها "هجوم شديد التعقيد".

تصعيد خطير على حدود باكستان وأفغانستان


هذا الهجوم ليس حدثًا معزولًا، بل يأتي في سياق طويل من التوترات الأمنية التي تشهدها المناطق القبلية الباكستانية الواقعة على الشريط الحدودي مع أفغانستان، وهي مناطق تاريخيًا مهمّشة، مليئة بالتناقضات الإثنية والدينية والسياسية. وتحولت على مدار العقدين الماضيين إلى مسرح دائم للصراع بين الدولة الباكستانية من جهة، والحركات المسلحة من جهة أخرى، وعلى رأسها حركة طالبان باكستان.
الحركة المعروفة اختصارًا بـTTP تشكلت عام ٢٠٠٧ كتحالف لعدد من الفصائل المسلحة ذات الأيديولوجية الإسلامية المتشددة، وتحديدًا من الخلفية الديوبندية، واتخذت من محاربة الدولة الباكستانية هدفًا رئيسيًا لها.
الظهور الأول للحركة كان ردًا على العمليات العسكرية الباكستانية ضد المسلحين في المناطق القبلية، وبالتحديد بعد عملية اقتحام المسجد الأحمر في إسلام آباد، والتي شكّلت لحظة محورية دفعت الكثير من الفصائل للالتحام تحت راية واحدة.
منذ ذلك الوقت، نفذت الحركة مئات العمليات التي استهدفت الجيش، الشرطة، المسؤولين الحكوميين، وحتى المدنيين، مبررة أعمالها برفضها لما تعتبره "تحالف الدولة مع القوى الغربية" و"نظامًا سياسيًا غير إسلامي".
الجغرافيا لعبت دورًا رئيسيًا في تمكين هذه الحركة من البقاء رغم الضغط الأمني المتواصل.
فالحدود بين باكستان وأفغانستان، والمعروفة بخط دوراند، تمتد لمسافة تتجاوز ٢٤٠٠ كيلومتر، تمر عبر تضاريس جبلية وعرة يصعب مراقبتها أو تأمينها بشكل فعال.
الكثير من القبائل في هذه المناطق تمتد جذورها بين طرفي الحدود، وتتمتع بعلاقات نسب وولاء مشترك، مما يعقّد عمليات الدولة الباكستانية في السيطرة الأمنية على هذه المناطق، خصوصًا في ظل الضعف الاقتصادي وغياب الخدمات الحكومية الأساسية.
المعطى الجيوسياسي زاد تعقيدًا بعد عودة حركة طالبان الأفغانية إلى السلطة في كابول في أغسطس ٢٠٢١، بعد الانسحاب الأمريكي. 
هذا التحول في موازين القوى لم يكن مجرد حدث محلي، بل كانت له تبعات إقليمية مباشرة، إذ وجدت حركة طالبان باكستان في ذلك حافزًا سياسيًا ومعنويًا، بل وربما لوجستيًا أيضًا. 
فمع سيطرة طالبان على مؤسسات الدولة في أفغانستان، أُفرج عن العديد من القادة السابقين في حركة TTP، وأصبح لدى الجماعة متسع من الحركة في مناطق أفغانية مجاورة للحدود الباكستانية، خصوصًا مع غياب رقابة صارمة من قبل الحكومة الأفغانية الجديدة، التي يُعتقد أنها لا تعارض بشكل مباشر تواجد بعض الفصائل المتشددة المناوئة لباكستان.
تحليل بيانات الهجمات الأخيرة يشير إلى تحول نوعي في أسلوب الحركة. فبعدما كانت تركز على التفجيرات العشوائية، تطورت قدراتها التنظيمية والتكتيكية، وأصبحت تعتمد أساليب عسكرية أكثر تعقيدًا، منها الكمائن المحكمة، استخدام الأسلحة المتقدمة، وحتى الطائرات المسيّرة، ما يعني وجود دعم تقني وتدريبي لم يكن متاحًا لها في السابق. هذا التغيير يعكس تطورًا في بنيتها التنظيمية، وربما دعمًا من أطراف إقليمية أو غير حكومية، الأمر الذي يثير مخاوف دوائر الأمن والاستخبارات في إسلام آباد.
ردود فعل السلطات الباكستانية جاءت سريعة على المستوى الإعلامي، إذ أكدت قيادات عسكرية وأمنية رفيعة المستوى أن الهجوم لن يمر دون رد. ويري مراقبون أن الواقع الميداني أكثر تعقيدًا، فالرد العسكري، على أهميته، لا يكفي وحده لاحتواء الأزمة. لطالما كانت هناك محاولات سابقة لعقد مفاوضات مع طالبان باكستان، أحيانًا بوساطة قبلية وأحيانًا برعاية مباشرة من الحكومة الأفغانية.
لكنها غالبًا ما كانت تنهار بسبب غياب الثقة، أو بسبب خروقات من الطرفين، أو رفض الحركة التنازل عن مطالبها الأساسية، التي تتضمن في بعض الأحيان انسحاب الجيش من مناطق محددة أو تطبيق أحكام الشريعة بأسلوبها الخاص. ويشير المراقبون إلي أن الضغوط الداخلية على الحكومة الباكستانية تتزايد أيضًا. مقتل الجنود يثير غضبًا شعبيًا واسعًا، ويغذّي الخطاب القومي المعادي للتساهل مع الحركات المسلحة.
في الوقت ذاته، تواجه الحكومة انتقادات بسبب عدم نجاحها في تأمين المناطق الحدودية رغم السنوات الطويلة من العمليات العسكرية، ما يثير تساؤلات حول نجاعة الاستراتيجية الأمنية، وجدوى التحالفات الإقليمية والدولية التي تخوضها باكستان. علاوة على ذلك، العلاقات بين إسلام آباد وكابول ليست في أفضل حالاتها، على الرغم من اعتراف باكستان بحكومة طالبان الجديدة، إلا أن الشكوك حول تعاون الأخيرة مع حركة طالبان باكستان ما تزال قائمة. 
مسئولون باكستانيون اتهموا أكثر من مرة حكومة طالبان الأفغانية بغض الطرف عن نشاطات الجماعة المسلحة داخل الأراضي الأفغانية، أو على الأقل بعدم بذل الجهد الكافي لمنعها. 
من جهة أخرى، تتهم كابول الحكومة الباكستانية بالتدخل في شؤونها الداخلية، ودعم بعض الفصائل المعادية لها، ما يجعل العلاقة بين الطرفين علاقة شديدة الحساسية.
أما على المستوى الدولي، فالوضع يخلق تحديات إضافية لباكستان، خصوصًا في ظل التزاماتها تجاه مشاريع استراتيجية كبرى مثل الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني، الذي يعتبر أحد أركان مبادرة "الحزام والطريق" الصينية.
أي تدهور في الأمن الداخلي يهدد هذه المشاريع، ويقلق الحلفاء، لا سيما الصين، التي استثمرت مليارات الدولارات في البنية التحتية الباكستانية. كما أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يراقبان الوضع عن كثب، خصوصًا في ظل تزايد النشاطات المسلحة في جنوب آسيا بشكل عام، والخشية من أن تصبح أفغانستان مجددًا ملاذًا آمنًا للجماعات المتطرفة العابرة للحدود.
في ضوء كل ذلك، يبدو أن المواجهة بين الدولة الباكستانية وطالبان باكستان دخلت مرحلة جديدة. الكمائن المُعقدة، الاستيلاء على الأسلحة، واستخدام تقنيات متطورة، كلها تشير إلى أن الحركة تطور نفسها بوتيرة أسرع مما تتوقعه الأجهزة الأمنية. 
من جانبها، تجد الحكومة نفسها أمام معادلة معقدة: لا يمكنها التساهل مع مثل هذه الهجمات، لكنها أيضًا لا تملك حلًا عسكريًا كاملًا قادرًا على القضاء على الحركة دون تكلفة بشرية وسياسية هائلة.
ويري مراقبون أن الأزمة الحالية تكشف مرة أخرى أن الحرب ضد الإرهاب لا تُحسم بالسلاح فقط، بل تتطلب مقاربة شاملة تشمل التنمية، والتعليم، وتمكين المجتمعات المحلية، ومواجهة الفكر المتشدد من جذوره. ويشير المراقبون إلي أن ترك الأمر ليتكرر بين كمين وآخر، لن يؤدي إلا إلى مزيد من الدماء، وإلى تهديد أوسع للاستقرار ليس في باكستان وحدها، بل في كامل منطقة جنوب آسيا.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق حسام غالي: الأهلى حاليا فيه خناجر في الضهر .. والإدارة الموجودة تصغرك لا تكبرك
التالى وزارة الخارجية تهيب بالشباب تحرى المصداقية والتحقق من صحة عقود العمل بالخارج