يستعد مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي هذا الأسبوع لاتخاذ قرار تاريخي بخفض أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ تولي الرئيس دونالد ترامب ولايته الثانية، في خطوة يتوقع أن تخطف الأضواء وتعيد تشكيل مسار السياسة النقدية العالمية خلال الأشهر المقبلة.
ويأتي اجتماع الفيدرالي يوم الأربعاء ضمن سلسلة اجتماعات للبنوك المركزية الكبرى هذا الأسبوع، تبدأ مع بنك كندا، ثم الاحتياطي الفيدرالي، تليه قرارات بنك إنجلترا يوم الخميس، وتُختتم مع بنك اليابان. ومن المنتظر أن تحدد هذه الاجتماعات توجهات السياسة النقدية لنصف العملات العشر الأكثر تداولاً حول العالم، وسط بيئة اقتصادية يخيّم عليها التباطؤ وتراجع الثقة الاستثمارية.
ويتصدر المشهد الأمريكي خفض الفائدة المنتظر، والذي طالما دعا إليه البيت الأبيض منذ بداية ولاية ترامب الثانية. إذ يرى الرئيس أن خفض تكاليف الاقتراض بات ضرورة لتسريع النمو ودعم القدرة التنافسية للاقتصاد الأمريكي، خاصة في مواجهة سياسات الحماية والرسوم الجمركية التي أثارت جدلاً واسعًا في الداخل والخارج.
لكن الموقف داخل الفيدرالي ليس خاليًا من الانقسامات؛ إذ يعبّر رئيس المجلس جيروم باول وعدد من الأعضاء عن مخاوف من أن يؤدي خفض الفائدة إلى تغذية التضخم، لا سيما في ظل ارتفاع أسعار السلع الأساسية بفعل الرسوم الجمركية على الواردات الصينية. ومع ذلك، فإن مؤشرات التباطؤ الواضحة في سوق العمل الأمريكي، وتراجع معدلات التوظيف في قطاعات رئيسية، منحت الغلبة لوجهة النظر الداعية إلى خفض تدريجي بمقدار ربع نقطة مئوية.
تترقب الأسواق العالمية قرار الفيدرالي لما له من أثر مباشر على حركة رؤوس الأموال وأسعار الصرف في الأسواق الناشئة والمتقدمة على حد سواء. ويؤكد محللون أن أي إشارة من البنك الأمريكي ستنعكس فورًا على توجهات البنوك المركزية الأخرى، خصوصًا بنك إنجلترا الذي يواجه تحديات مرتبطة بتباطؤ النمو بعد «بريكست»، وبنك اليابان الذي يعاني من ضغوط انكماشية مزمنة.
ومن شأن خفض الفائدة الأمريكية أن يفتح المجال أمام دورة جديدة من السياسات النقدية الميسرة عالميًا، بعد سنوات من التشديد النسبي. كما يُتوقع أن يخفّض تكلفة الاقتراض بالنسبة للشركات والأسر، ويعزز الطلب المحلي، وهو ما قد ينعكس إيجابًا على أسواق الأسهم الأمريكية والعالمية على حد سواء.
يرى خبراء أن خطوة الفيدرالي، رغم أهميتها الاقتصادية، لا تنفصل عن المشهد السياسي الأمريكي، خاصة في ظل ضغوط البيت الأبيض على البنك المركزي منذ بداية العام. ويرى البعض أن هذا التوجه يعكس رغبة الإدارة الأمريكية في الحفاظ على زخم النمو قبل الدخول في العام الانتخابي، بينما يؤكد آخرون أن المؤسسة النقدية ما تزال حريصة على استقلاليتها رغم الضغوط.
وبحلول نهاية الأسبوع، ستكون أسعار الفائدة في اقتصادات تمثل خُمسَي الناتج المحلي الإجمالي العالمي قد عُدلت أو أبقي عليها، لكن قرار الفيدرالي الأمريكي يظل الأكثر تأثيرًا في تحديد ملامح الفترة المقبلة. وبينما يترقب المستثمرون إعلان الأربعاء، تبقى الأنظار معلّقة بما إذا كان هذا الخفض سيشكّل بداية دورة تيسير ممتدة، أم مجرد خطوة وقائية لاحتواء تباطؤ سوق العمل.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.