مع دقات أيام سبتمبر الأخيرة، تتبدل ملامح منطقة الفجالة بوسط القاهرة، فتستعيد ضجيجها القديم ويعود لها بريق «موسم المدرسة». الشوارع الضيقة تتحول إلى معرض مفتوح؛ على الجانبين تصطف المكتبات والأكشاك التي تزهو بألوان الدفاتر والكراسات وأقلام الرصاص والألوان، بينما تعلّق الحقائب المدرسية في واجهات المحال كأنها زينة تحتفي بالعام الجديد 2026. في جولة ميدانية لـ«البوابة نيوز»، كان المشهد واضحًا:الأسر تتنقل بين المحلات في حماس، والأطفال يتأملون الحقائب المعلّقة بأعين لامعة، والتجار يعرضون بضاعتهم ويعدّدون مزايا كل منتج، بينما يتفاوض أولياء الأمور على الأسعار.
بريق موسم المدارس
يقول عاطف المنياوي، صاحب مكتبة عريقة في الفجالة، وهو يقف أمام رصيفه المزدحم بالكراريس والشنط: «الحمد لله، الموسم ده الأسعار أحسن شوية من اللي فات، خصوصًا في الكراسات والدفاتر، لكن الناس ما بقتش تشتري بالكميات زي زمان. زمان كان ولي الأمر ييجي ياخد دستة أقلام ودستة كراسات على بعض، دلوقتي بيحسبها بالواحدة علشان الميزانية بقت تقيلة».
يوضح عاطف أن مجرد شراء مجموعة بسيطة من الأقلام والكراسات قد يكلف الأسرة ما بين 200 و300 جنيه، بينما الحقائب المدرسية تتراوح أسعارها بين 100 و150 جنيهًا للأنواع البسيطة، وتصل إلى 300 جنيه وربما أكثر حسب الجودة والشكل، مؤكدًا أن أسعار الحقائب لم تتغير عن الموسم الماضي وتكاد تكون ثابتة، بينما أدوات الكتابة شهدت انخفاضًا ملحوظًا.
ويضيف:«الإقبال بيبدأ ضعيف، ومع اقتراب أيام الدراسة بيتضاعف بشكل ملحوظ. لكن مش زحمة زي زمان، لأن انتشار المعارض في المحافظات أثّر علينا شوية، الزبون بقى يفضل يشتري من معرض أقرب له بدل ما ينزل القاهرة، خصوصًا والأسعار تقريبًا واحدة». بينما يتحدث، يتوقف أحد أولياء الأمور ليعاين حقيبة لابنه الصغير، يحاول الطفل إقناع والده بحقيبة عليها شخصية كرتونية، لكن السعر يدفع الأب للتفكير قليلًا قبل أن يسأل عن نوع آخر أقل سعرًا.
رغم التغيرات، لا تزال الفجالة تحتفظ بمكانتها التاريخية كسوق لا ينافسه آخر في تنوع المنتجات وروح البهجة التي يبعثها موسم المدارس. الأزقة العتيقة تمتلئ بضحكات الأطفال وصخب البائعين، ورائحة الكتب الجديدة تعيد للأذهان ذكريات الطفولة وشراء الأدوات لأول مرة.
ومع كل عام، تثبت الفجالة أنها أكثر من مجرد سوق؛ إنها ذاكرة حية للمصريين، تواصل استقبال الأسر في كل موسم، لتبقى شاهدة على عادة لا تنقطع مهما تغيّرت الأسعار أو تبدّلت ظروف الحياة.

