الدعاء أحد أعظم أسباب القرب من الله عز وجل، ووسيلة لرفع البلاء واستنزال الرحمات، وقد علَّمنا النبي صلى الله عليه وسلم أدعية جامعة مانعة، استعاذ فيها من شرور الدنيا والآخرة.
ومن أبرز ما ورد عنه ﷺ دعاؤه المتكرر بالاستعاذة من الفقر، إذ وصفه العلماء بأنه من أشد الابتلاءات التي قد تصيب الإنسان، لما فيه من ذلة وحاجة للناس، وما يترتب عليه أحيانًا من ضعف النفس أمام الشهوات أو الوقوع في المعاصي.
دعاء النبي ﷺ للاستعاذة من الفقر
ورد في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول:«اللَّهمَّ إني أعوذُ بك من الفقرِ، وأعوذُ بك من القِلَّةِ والذِّلَّةِ، وأعوذُ بك أن أَظْلِمَ أو أُظْلَمَ» (رواه أبو داود والنسائي، وصححه الألباني).
وهذا الدعاء يبين أن الفقر ليس مجرد قلة مال، وإنما قد يقترن بالذلة والضعف، ولهذا استعاذ الرسول الكريم منه، وطلب من الله العافية والسعة.
دعاء يقي من الفقر دائمًا
ومن الأذكار التي أرشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم ما رواه الطبراني، أنه قال:«من قال: لا حول ولا قوة إلا بالله مائة مرة في كل يوم، لم يُصبه فقر أبدًا».
وهذا الذكر العظيم يرسخ معاني التوكل على الله، ويجعل العبد يستشعر أن القوة والرزق بيد الله وحده، لا بيد أحد من خلقه.
أدعية مأثورة للغِنى والبركة في الرزق
إلى جانب دعاء النبي ﷺ، وردت عن السلف الصالح أدعية جامعة يمكن للمسلم أن يلهج بها طلبًا للغنى ودفعًا للفقر، منها:«اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك» (رواه الترمذي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه).
«اللهم رب السموات السبع، ورب العرش العظيم، اقض عنا الدين وأغننا من الفقر».
«اللهم افتح لنا خزائن رحمتك، وارزقنا من فضلك الواسع رزقًا حلالًا طيبًا، ولا تفقرنا إلى أحد سواك».
«اللهم مالك الملك، تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء… ارحمني رحمةً تُغنيني بها عن رحمة من سواك».
الصلة بين الدعاء والعمل
أوضح العلماء أن الدعاء وحده لا يكفي دون الأخذ بالأسباب والسعي في طلب الرزق، فقد قال تعالى:
{فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} [الملك: 15].
فالرزق مضمون، لكن على العبد أن يقرن الدعاء بالعمل، والصبر بالاجتهاد، والتوكل على الله مع السعي المشروع.
إن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم للغنى من الفقر يفتح أمام المؤمن بابًا عظيمًا للرجاء، ويعلمه أن الفقر ابتلاء عظيم لا ينجو منه إلا من لجأ إلى الله، وأحسن الظن به، وأخذ بالأسباب المشروعة. فالعبد بين يدي ربه فقير في كل حال، لكن الفقر لله غنى، والفقر عن الله ذل وهوان.
