
وضعت الدولة خطة شاملة تهدف إلى تفعيل منظومة حديثة ومستدامة لإدارة المخلفات، بما يضمن التخلص الآمن من النفايات، والحد من التأثيرات البيئية السلبية، إلى جانب الارتقاء بمستوى النظافة العامة على مستوى الجمهورية، وفي إطار هذه الخطة، تتشارك وزارتا البيئة والتنمية المحلية في تنفيذ خطوات متتالية لتحقيق المستهدفات.
لكن مؤخرًا، فوجئت "البوابة نيوز" بإنشاء وزارة البيئة محطة وسيطة لجمع القمامة والمخلفات على الطريق الرئيسي بمدخل مدينة القناطر الخيرية بمحافظة القليوبية، وهي منطقة تعد من أجود الأراضي الزراعية على مستوى الجمهورية، الأمر الذي أثار تساؤلات وانتقادات واسعة نظرًا لما تمثله هذه الأراضي من أهمية قصوى للأمن الغذائي.
تجريم إقامة أي مشروع على الأراضي الزراعية
تعتبر هذه المنطقة نقطة محورية كونها المدخل الرئيسي لمحافظتي القليوبية والمنوفية من جهة القاهرة الكبرى، وهو ما يضاعف أهمية الحفاظ على أراضيها الزراعية، وقد شدد الرئيس عبد الفتاح السيسي مرارًا على تجريم إقامة أي مشروعات على الأراضي الزراعية، ولا سيما ذات الجودة العالية منها، لارتباطها الوثيق بتأمين غذاء المصريين في هذه المرحلة الحساسة.
اختيار المحطات بالظهير الصحراوي
وفقًا لجهاز شؤون البيئة، فإن القواعد المتعارف عليها تقتضي بأن تُنشأ المحطات الوسيطة لجمع المخلفات في الظهير الصحراوي لكل محافظة، لتفادي أي أضرار محتملة قد تلحق بالسكان أو الأراضي الزراعية. وفي محافظة القليوبية، اعتاد المسؤولون الاعتماد على منطقة أبو زعبل كظهير صحراوي لجمع وفرز المخلفات وإعادة تدوير الصالح منها، بينما يتم التخلص من غير الصالح عبر الدفن أو عبر محارق مصانع الأسمنت.
الجدير بالذكر أن تنفيذ المشروع بدأ خلال فترة وزيرة البيئة السابقة الدكتورة ياسمين فؤاد.
جولة ميدانية لـ"البوابة نيوز"
انتقلت "البوابة نيوز" إلى موقع المحطة الجديدة بالقناطر الخيرية، حيث التقت بالمهندسين والعمال القائمين على المشروع.
وأوضح المهندس مؤمن.م، أحد المهندسين المشرفين، أن دورهم يقتصر على الإشراف والتنفيذ بعد تكليف وزارة البيئة، بينما تتحمل المحافظة والمجلس المحلي مسؤولية اختيار الأرض.
وأضاف أن مساحة المحطة تبلغ 1920 مترًا مربعًا بارتفاع نحو 11 مترًا، وهي محطة للتجميع فقط وليست للفرز، مع تجهيزها بغرف لمكافحة الحرائق ونظام إنذار متكامل للتدخل السريع عند وقوع أي طارئ.
وأكد أن المحافظة والمجلس المحلي وافقا على الموقع، مشيرًا إلى أن نقل المخلفات يوميًا من المحطة إلى المدافن يقلل من احتمالية وقوع أي ضرر على الأهالي.
مخاوف الأهالي
على الجانب الآخر، أبدى الأهالي المقيمون بجوار المحطة تخوفهم من احتمالية تعرضهم وأسرهم لأضرار صحية بسبب تجميع القمامة، سواء من خلال الروائح الكريهة أو الأتربة أو الأوبئة، خاصة بالنسبة للأطفال وكبار السن.
وأوضح بعضهم أن المشروع بدأ تنفيذه دون علم مسبق منهم، مؤكدين أنهم لم يتلقوا أي توضيحات بشأن الإجراءات الوقائية.
وفي المجلس المحلي بالقناطر الخيرية، قال مسؤول – رفض ذكر اسمه – إن المشروع قرار حكومي يخدم المصلحة العامة، مؤكدًا أن الأولوية دائمًا لمصلحة الدولة، وأن مثل هذه المشروعات تنفذ فور صدور القرار دون انتظار موافقة السكان، باعتبارها مشروعات كبرى تخدم الجميع.
تجارة المخلفات ثروات طائلة
من جانبه، أوضح شحاتة المقدس، نقيب الزبالين، أن المخلفات تمثل ثروة ضخمة تدر أموالًا طائلة، لافتًا إلى أن سعر طن المخلفات الصلبة شهد ارتفاعًا كبيرًا في ظل أزمة الدولار. وأضاف أن جمع وفرز المخلفات يحقق استفادة للعمال والمواطنين والدولة على حد سواء، لكنه شدد على ضرورة التوسع في المحطات بما يراعي القواعد البيئية.
وأشار إلى أن هناك 2000 طن من المخلفات الصحية تُنتَج يوميًا وتُعد من أخطر أنواع النفايات، حيث يتم دفنها بأمان تحت إشراف وزارات البيئة والصحة والتنمية المحلية. وأضاف أن المخلفات المعدنية، وعلى رأسها الألومنيوم، تمثل أعلى قيمة استثمارية في سوق القمامة، حيث يصل سعر طن "الكانز" إلى نحو 80 ألف جنيه، مع إقبال دول مثل السعودية على استيراد هذه المنتجات.
الألومنيوم بديلا للحديد
وكشف المقدس أن الدولة تتجه إلى استبدال الحديد بالألومنيوم في بعض الصناعات لتقليل التلوث وتحسين الكفاءة، محذرًا من المخاطر البيئية والصحية الناجمة عن تراكم كميات كبيرة من الحديد المستخدم في صناعة العبوات.
سوق المخلفات في مصر
بحسب تقديرات وزارة البيئة، تبلغ قيمة القمامة نحو 6 مليارات جنيه، ويمكن أن تتضاعف لتصل إلى 12 مليارًا إذا أُعيد تدويرها وتحويلها إلى مواد أولية.
وأوضح الدكتور أحمد سعيد، رئيس البرنامج الوطني لإدارة المخلفات السابق، أن مصر تمتلك مصانع متخصصة في القاهرة والدقهلية وأسيوط وقنا وسوهاج، تنتج وقودًا بديلًا لمصانع الأسمنت، مشيرًا إلى أن 80% من تجارة إعادة تدوير البلاستيك تتركز في محافظات القاهرة الكبرى.














