أخبار عاجلة
ارتفاع أسعار الذهب في مصر 31% منذ بداية 2025 -

في ذكرى رحيله.. سيد درويش صوت الشعب وروح النهضة

في ذكرى رحيله.. سيد درويش صوت الشعب وروح النهضة
في  ذكرى رحيله..  سيد درويش صوت الشعب وروح النهضة

تمر اليوم ذكرى رحيل فنان الشعب سيد درويش، ذلك الاسم الذي تجاوز حدود الفن ليصبح رمزًا وطنيًا وثقافيًا لا ينضب وعلى الرغم من مرور أكثر من مئة عام على رحيله المبكر عام 1923، إلا أن أثره ما زال حاضرًا في وجدان المصريين والعرب، باعتباره الملحن الذي غيّر مسار الموسيقى العربية وحرّرها من قوالب الجمود، ليجعل منها صوتًا معبرًا عن الناس وأحلامهم وتطلعاتهم.

 

مولده وحياته

ولد سيد درويش في الإسكندرية عام 1892 لأسرة بسيطة، ونشأ في بيئة شعبية شكلت وجدانه الفني، بدأ حياته مغنيًا في الأفراح والمقاهي، قبل أن تلتقطه أنظار بعض الفرق المسرحية التي كانت تبحث عن أصوات جديدة، ومع أول فرصة حقيقية، سرعان ما أثبت موهبته الفريدة التي تجمع بين القدرة على الأداء الغنائي والإبداع في التلحين.

 

تجربته الموسيقية 

تميزت تجربة سيد درويش بجرأتها على كسر التقاليد الموسيقية السائدة، حيث مزج بين الطابع الشرقي الأصيل والتأثر بالموسيقى الغربية، ليخلق أسلوبًا جديدًا أقرب إلى الناس وأكثر قدرة على التعبير عن واقعهم اليومي، لم يكن غناؤه مقصورًا على الطرب الكلاسيكي، بل انفتح على موضوعات غير مسبوقة، فتغنى بالعمال والفلاحين والجنود، وأعطى صوتًا للطبقات الشعبية التي لم تكن ممثلة في الغناء من قبل.

ومن تجربة سيد درويش أنه لم ينفصل يومًا عن قضايا عصره، فقد كان فنه انعكاسًا مباشرًا لروح النهضة التي عاشتها مصر في بدايات القرن العشرين، حيث تلاقت الحركات الوطنية والفكرية مع تطلع الناس إلى الحرية والتقدم. ومن ثم، يمكن القول إن سيد درويش لم يكن مجرد موسيقي، بل كان أحد ملامح مشروع النهضة ذاته، بقدرته على تحويل الفن إلى أداة للتعبير والتغيير

ارتبطت موسيقاه بالحركة الوطنية المصرية في ثورة 1919، حيث تحولت أغنياته إلى شعارات تهتف بها الجماهير في المظاهرات، كان لحنه الشهير "قوم يا مصري" أشبه بجرس إنذار يوقظ الوعي القومي، وأصبحت أغنيته "بلادي بلادي" إحدى الركائز التي شكلت فيما بعد النشيد الوطني المصري. ومن هنا استحق لقب "فنان الشعب"، إذ لم يكن مجرد ملحن أو مغنٍ، بل كان جزءًا أصيلًا من الوجدان الجمعي وحراكه الوطني.

 

إسهاماته  

لم يقتصر إسهام سيد درويش على الأغنية الوطنية فقط، بل أثرى المسرح الغنائي المصري بشكل غير مسبوق. تعاون مع رواد المسرح مثل نجيب الريحاني وعلي الكسار، وقدّم ألحانًا لمسرحيات وأوبريتات حملت روحًا جديدة، جعلت الموسيقى عنصرًا أساسيًا في الدراما وليس مجرد استعراض. 

وكانت هذه الألحان تعكس تنوع المشاعر الإنسانية من الفرح إلى الحزن، ومن الفكاهة إلى الجدية، مما جعله رائدًا في تطوير المسرح الغنائي العربي.

 

رحلته الفنية 

ورغم أن رحلته الفنية لم تتجاوز عشر سنوات تقريبًا، فإن ما تركه من تراث يكفي لتأكيد مكانته الاستثنائية، فقد أعاد صياغة مفهوم الأغنية بحيث تصبح مرآة للمجتمع، وفتح الباب أمام أجيال لاحقة مثل محمد عبد الوهاب وأم كلثوم ليواصلوا مشوار التجديد الذي بدأه، ولا تزال ألحانه، حتى اليوم، ترددها الأجيال الجديدة بقدر من الانبهار، وكأنها كتبت لتعيش قرونًا لا عقودًا.

 

رحيله

رحل سيد درويش في سبتمبر 1923 وهو لم يتجاوز الحادية والثلاثين من عمره، في ظروف غامضة أثارت الكثير من الجدل. لكن ما هو مؤكد أن رحيله لم ينهِ حضوره، بل رسخ أسطورته، ففنان الشعب لا يغيب بموته، بل يبقى صوته حاضرًا كلما أراد المصريون أن يستعيدوا لحظة وعي أو صحوة وطنية.

 

 يظل سيد درويش شاهدًا على أن الفن الحقيقي قادر على أن يتجاوز حدود الزمان والمكان، وأن يظل نبضًا حيًا في قلب الأمة، وأن الموسيقى ، بل هي جزء من معركة الوعي والهوية، وأن اللحن قد يكون أحيانًا أبلغ من الخطاب السياسي في التأثير وصناعة التاريخ.

إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق السيسي يبحث تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية مع رئيسة الحكومة التونسية
التالى السيسي ورئيسة الحكومة التونسية يؤكدان ضرورة تكثيف التنسيق لمواجهة تحديات المنطقة