تشهد السياسة النقدية في مصر مرحلة معقدة من التوازن الدقيق بين مواصلة الإصلاحات الاقتصادية الجريئة وبين السيطرة على معدلات التضخم التي تظل الهاجس الأكبر للبنك المركزي خلال الفترة المقبلة.
فقرار رفع الدعم الكامل عن المحروقات وما سيتبعه من زيادات في أسعار الكهرباء، يمثل نقطة تحول محورية ستلقي بظلالها على قرارات لجنة السياسات النقدية حتى نهاية العام، حيث تترقب الأسواق انعكاسات هذه الخطوة على الأسعار والقدرة الشرائية.
تتجه الأنظار إلى اجتماعات "المركزي" باعتبارها المحدد الأساسي لمسار الفائدة، وما يترتب عليها من آثار تمتد إلى كافة القطاعات الاقتصادية، وهذا المشهد المتشابك بين الإصلاحات السعرية والقرارات النقدية يضع الاقتصاد المصري أمام اختبار دقيق، ويجعل من آراء الخبراء أداة لفهم الاتجاهات المتوقعة للفائدة خلال ما تبقى من 2025.
تأثير رفع الدعم عن المحروقات على أسعار الفائدة

وفي هذا السياق، أكد الدكتور فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن رفع الدعم الكامل عن المحروقات وزيادة أسعار الكهرباء سيمثلان العامل الأبرز في تحديد مسار قرارات لجنة السياسات النقدية للبنك المركزي خلال ما تبقى من اجتماعات العام الجاري.
وقال الفقي، في تصريحات خاصة لـ بانكير، إن البنك المركزي لا يكتفي عند تحديد أسعار الفائدة بالنظر إلى معدلات التضخم الراهنة، بل يضع في الحسبان التوقعات المستقبلية، وهو ما يجعل ضغوط الأسعار الناتجة عن تحرير الوقود أحد أهم المحددات في المرحلة المقبلة.
وتوقع أن تشهد الأشهر الثلاثة المقبلة ضغوطًا تضخمية إضافية نتيجة إلغاء الدعم على المحروقات للمرة الخامسة والأخيرة، وهو ما سيدفع لجنة السياسات إلى التريث في اجتماعها الأقرب والاكتفاء بتثبيت الفائدة، انتظارًا لرصد أثر تلك الإجراءات على مستويات التضخم.
وأشار رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إلى أن الاجتماعات التالية قد تشهد توجها لخفض الفائدة تدريجيا، مع تراجع الضغوط التضخمية وبدء انعكاس وفورات الإصلاح على السوق.
رفع الدعم عن المحروقات يوفر 70 مليار جنيه
وشدد الفقي على أن قرار رفع الدعم عن المحروقات خطوة إصلاحية صحيحة من شأنها توفير نحو 70 مليار جنيه في الموازنة الجديدة، يتم توجيهها إلى الفئات الأكثر احتياجًا، بدلًا من استفادة أطراف لا تستحق مثل بعض البعثات والجاليات الأجنبية.
ورغم الزيادات المرتقبة في الأسعار، توقع الفقي أن يسلك معدل التضخم مسارا هابطا تدريجيا وإن كان بوتيرة متباطئة، مرجحا نجاح البنك المركزي في الوصول بالمعدل إلى النطاق المستهدف بين 5 و9% بحلول الربع الأخير من 2026، بدعم من استقرار العملة المحلية واستمرار الإصلاحات المالية والاقتصادية.

تثبيت أسعار الفائدة لنهاية العام الجاري
وفي سياق متصل، توقع الخبير المالي عيسى فتحي، أن يتجه البنك المركزي إلى تثبيت أسعار الفائدة حتى نهاية العام الجاري، مشيرا إلى أن قرار تحريك أسعار المحروقات سيكون له أثر مباشر على التضخم، ما يجعل لجنة السياسات النقدية أكثر حذرًا في اجتماعاتها القادمة.
وأضاف فتحي، في تصريحات للعربية بزنس، أن القطاع العقاري سيكون أبرز المستفيدين من قرار البنك المركزي المصري بخفض أسعار الفائدة، موضحًا أن التيسير النقدي ينعكس بصورة مباشرة على تكلفة الاقتراض، وبالتالي يعزز من نشاط الاستثمار العقاري.
ولفت فتحي إلى أن البورصة المصرية لم تظهر حتى الآن التفاعل الإيجابي المتوقع مع خطوة "المركزي" بتخفيض الفائدة، معتبرًا أن السوق يحتاج إلى فترة زمنية أطول لاستيعاب القرار وتكييف مؤشرات التداول مع المتغيرات الجديدة.
وأشار الخبير المالي إلى أن هذا التباطؤ لا يعني غياب التأثير، بل تأجيل انعكاسه لحين توازن العوامل المرتبطة بالسيولة وحركة المستثمرين.

قرار البنك المركزي بخفض الفائدة
وكانت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، قد خفضت - في اجتماعها الأخير - أسعار الفائدة الرئيسية بمقدار 200 نقطة أساس، ليصل عائد الإيداع إلى 22% والإقراض إلى 23%، وسعر الائتمان والخصم إلى 22.5%.
وأوضحت اللجنة أن القرار يستند إلى تراجع معدلات التضخم وتحسن التوقعات الاقتصادية عالميا، مع استمرار البنوك المركزية في التيسير النقدي التدريجي.
وأشارت التقديرات إلى نمو الاقتصاد المصري بمعدل 5.4% في الربع الثاني من 2025، وانخفاض البطالة إلى 6.1%، كما تراجع معدل التضخم العام إلى 13.9% في يوليو مقابل 14.9% في يونيو، بينما استقر التضخم الأساسي عند 11.6%.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.