أكد صندوق النقد الدولي أن اقتصاد النرويج تمكن من إظهار قدرة لافتة على الصمود في مواجهة الظروف المالية الصعبة والتقلبات العالمية التي ألقت بظلالها على معظم الاقتصادات المتقدمة. جاء ذلك في ختام مشاورات المادة الرابعة التي أجراها الصندوق مع السلطات النرويجية، حيث استعرض التقرير أحدث التطورات الاقتصادية وآفاق النمو خلال الفترة المقبلة.
وأوضح الصندوق أن الناتج المحلي الإجمالي للنرويج من المتوقع أن يسجل نموًا بنسبة 1.5% خلال العام الجاري 2025، وهو ما يعكس استمرار نشاط القطاعات الرئيسية في الاقتصاد، وفي مقدمتها الطاقة، والاستثمارات الصناعية، إلى جانب مرونة سوق العمل.
وأشار التقرير إلى أن النرويج، باعتبارها واحدة من كبار مصدري الطاقة في أوروبا، استفادت من بقاء أسعار النفط والغاز عند مستويات مرتفعة نسبيًا مقارنة بالسنوات السابقة، الأمر الذي ساعد على تعزيز الإيرادات العامة، وزيادة قدرة الحكومة على مواصلة الإنفاق الاجتماعي والاستثماري دون ضغوط مالية كبيرة.
وفي الوقت ذاته، لفت الصندوق إلى أن السلطات النرويجية اتخذت سياسات نقدية ومالية متوازنة هدفت إلى الحد من آثار التضخم العالمي، حيث واصل البنك المركزي سياسة رفع أسعار الفائدة بشكل تدريجي للسيطرة على الضغوط التضخمية، مع المحافظة على استقرار النظام المالي.
وبحسب التقرير، فإن معدل التضخم في النرويج يتجه للتراجع التدريجي خلال الفترة المقبلة، مع توقع أن يعود إلى النطاق المستهدف بحلول عام 2026، مدفوعًا بانخفاض أسعار السلع العالمية وهدوء الضغوط على سلاسل الإمداد.
كما أشار صندوق النقد إلى أن سوق العمل في النرويج حافظ على مستويات توظيف مرتفعة، حيث ظل معدل البطالة قريبًا من أدنى مستوياته التاريخية. ويُعزى ذلك إلى السياسات الحكومية الداعمة للتشغيل، وبرامج التدريب وإعادة التأهيل المهني التي ساهمت في تعزيز مرونة القوى العاملة، إلى جانب ارتفاع الطلب على العمالة في قطاعات الطاقة والتكنولوجيا والخدمات.
وفيما يتعلق بالمالية العامة، أكد التقرير أن النرويج ما زالت تستفيد من صندوقها السيادي الضخم، الذي يعد الأكبر في العالم، باعتباره ركيزة أساسية لدعم الاستقرار الاقتصادي والمالي. وأوضح الصندوق أن إدارة الصندوق السيادي اتسمت بالحذر والفعالية، مما وفر للنرويج قاعدة قوية لمواجهة الأزمات العالمية والحد من تقلبات الأسواق.
ومع ذلك، أوصى صندوق النقد الدولي بضرورة مواصلة العمل على تنويع الاقتصاد بعيدًا عن الاعتماد المفرط على قطاع الطاقة، مشددًا على أهمية الاستثمار في مجالات الاقتصاد الأخضر، والتكنولوجيا الرقمية، والبنية التحتية المستدامة، بما يضمن تعزيز النمو على المدى الطويل وتقليل المخاطر المرتبطة بتقلبات أسعار النفط والغاز.
كما دعا التقرير إلى تكثيف الجهود الرامية إلى مواجهة التحديات الديموغرافية، خاصة المتعلقة بالشيخوخة السكانية، والتي قد تضغط على أنظمة التقاعد والرعاية الصحية مستقبلاً. وأكد الصندوق أن الإصلاحات المستمرة في هذه المجالات ستعزز استدامة المالية العامة وتدعم استقرار الاقتصاد الكلي.
وفي ختام مشاوراته، جدد صندوق النقد الدولي إشادته بالسياسات الاقتصادية للنرويج، مؤكداً أن المرونة التي أظهرها الاقتصاد تعكس الإدارة الحكيمة للموارد والسياسات المتوازنة التي اتبعتها السلطات. وأوضح أن قدرة البلاد على التكيف مع الظروف العالمية الصعبة تُعد نموذجًا بارزًا في كيفية استغلال الثروات الطبيعية والاحتياطيات المالية لتعزيز النمو المستدام.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
