في تطور غير مسبوق داخل المشهد اليمني، نفذت إسرائيل مساء الخميس غارة جوية دقيقة على العاصمة صنعاء، أسفرت عن مقتل قيادات بارزة في جماعة الحوثي، في مقدمتهم أحمد غالب الرهوي، رئيس حكومة الحوثيين غير المعترف بها دوليًا. العملية وُصفت بأنها الأشد وقعًا منذ بدء التصعيد العسكري الإسرائيلي في اليمن، وتحمل دلالات استراتيجية تتجاوز حدود الضربة نفسها.
عملية نوعية في قلب صنعاء
الهجوم، الذي يُعتقد أنه نُفذ عبر طائرات مسيرة ومقاتلات متطورة، استهدف موقعًا سريًا في منطقة مركزية، ليكون - على نهج اغتيالات قيادات حركة المقاومة حماس وجماعة حزب الله - بذلك أول استهداف مباشر لقيادات حوثية من الصف الأول داخل صنعاء منذ سنوات. ويشير مراقبون إلى أن هذا التحول يعكس انتقال إسرائيل من سياسة الضغط غير المباشر إلى ضربات مركزة ضد البنية القيادية للجماعة.
من هو أحمد غالب الرهوي؟
كان الرهوي أحد أبرز وجوه حكومة الحوثيين، ورمزًا لصلابتها الداخلية. سقوطه المفاجئ يثير تساؤلات حول مدى قدرة الجماعة على الحفاظ على تماسكها السياسي والعسكري، خاصة مع فقدان شخصية كانت تُعد ركنًا أساسيًا في معادلة صنعاء.
قيادات أخرى في مرمى الضربة
وفقًا لمصادر متقاطعة، فقد طالت الغارة أيضًا:
صخر الشرجبي – مدير مكتب رئيس هيئة الأركان العامة محمد الغماري.
عبدالسلام شرف المنبهي – المرافق الشخصي لرئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط.
هذه الخسائر تعكس أن الضربة لم تكن عشوائية، بل مخطط لها بدقة لاختراق الدائرة الضيقة المحيطة بالقيادة الحوثية.
لماذا الآن؟ ولماذا صنعاء؟
يرى محللون أن اختيار التوقيت مرتبط بتصاعد هجمات الحوثيين في البحر الأحمر ومحاولاتهم تهديد خطوط الملاحة الدولية، إضافة إلى تنامي دورهم في محور المقاومة المدعوم من إيران. الضربة جاءت أيضًا بعد تحذيرات أمريكية وإسرائيلية متكررة بشأن ما تصفه بـ "الخطر المتصاعد" من الميليشيات شمال اليمن.
تغطرس القوة الصهيونية
وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرايل كاتس، صرّح عقب الضربة قائلًا: "من يرفع يده نحو إسرائيل سنقطع يده"، في رسالة استعلائية تعكس نهج الاحتلال في توسيع دائرة الصراع الإقليمي والتفاخر باستخدام القوة المفرطة. ووفق الإعلام العبري، فقد شاركت البحرية الإسرائيلية إلى جانب سلاح الجو في العملية، التي تزامنت مع خطاب لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي.
قراءة أوسع للمشهد
هذا التصعيد ينسجم مع السياسة الإسرائيلية القائمة على إظهار الهيمنة العسكرية خارج فلسطين، لكنه في الواقع يكشف عن عقلية استعمارية متجددة ترى في الردع العسكري وسيلة وحيدة لفرض الأمر الواقع. ويُحذر خبراء من أن هذه الضربات قد تؤدي إلى توسيع نطاق المواجهة الإقليمية مع إيران ووكلائها، بما يهدد استقرار المنطقة بأكملها.
