
في مشهد يعكس شراكة استراتيجية تتجاوز حدود السياسة إلى عمق التنمية، شرعت مصر رسميًا في اختبار الأنظمة والمعدات الخاصة بمشروع الربط الكهربائي مع السعودية، المشروع الذي طال انتظاره باعتباره أحد أكبر المشاريع الإقليمية في مجال الطاقة.
خطوة استراتيجية نحو ربط كهربائي يغير خريطة الطاقة بالمنطقة
وتشير المؤشرات إلى أن المرحلة الأولى وصلت إلى 91% من التنفيذ، بطاقة تشغيلية تبلغ 1500 ميغاواط ضمن خطة شاملة تستهدف تبادل قدرات تصل إلى 3000 ميغاواط، وباستثمارات تفوق 1.8 مليار دولار.
المشروع الذي يربط بين ثلاث محطات محولات كبرى في بدر (شرق القاهرة) وتبوك والمدينة المنورة، يعتمد على خطوط هوائية بطول 1350 كيلومترًا إضافة إلى كابلات بحرية، وينفذه تحالف يضم ثلاث شركات عالمية متخصصة.
اختبار الأنظمة والمعدات الخاصة بمشروع الربط الكهربائي مع السعودية
ويُتوقع أن يسهم الربط في تقليل استهلاك الوقود وتحقيق تشغيل اقتصادي أمثل، إلى جانب رفع مستوى الاعتمادية في شبكات الكهرباء بالبلدين. كما يفتح الباب أمام سوق عربية مشتركة للطاقة، ويمثل نواة لربط كهربائي عربي شامل.
ويرى خبراء الطاقة أن الاختلاف في مواعيد ذروة الاستهلاك بين مصر والسعودية سيمنح المشروع ميزة استراتيجية، إذ يتيح استغلال قدرات التوليد المتاحة بفاعلية أكبر، ما يعزز استقرار الشبكات ويخفض تكاليف التشغيل.
يأتي هذا فيما تواصل مصر خطتها للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة عبر مشروعات ربط كهربائي مع الأردن، السودان، ليبيا، فضلًا عن مشاريع مستقبلية مع اليونان وقبرص والعراق عبر الأردن.
تمويل مشترك من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية
ويُذكر أن الاتفاق على المشروع يعود إلى عام 2012، وتوّج بتوقيع عقود التنفيذ في أكتوبر 2021 مع مجموعة من الشركات الفائزة بالمناقصات، بتمويل مشترك من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، والبنك الإسلامي للتنمية، إلى جانب موارد الشركة المصرية لنقل الكهرباء.
مشروع استراتيجي لمستقبل الطاقة العربية
يمثل مشروع الربط الكهربائي بين مصر والسعودية أكثر من مجرد تبادل للطاقة؛ فهو خطوة استراتيجية تعزز استقرار الشبكات الوطنية وتدعم خطط التنمية المستدامة.
ومع اقتراب اكتمال مرحلته الأولى، يتطلع الجانبان إلى تعظيم الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة بين البلدين بما يضمن تشغيلًا اقتصاديًا أمثل ويخفض استهلاك الوقود.
كما يُتوقع أن يشكل هذا الربط نواة لسوق عربية مشتركة للكهرباء، ويعزز مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة، في وقت تتوسع فيه بخطوات واثقة نحو مشروعات ربط أخرى مع دول عربية وأوروبية.