أكد الدكتور عبد المنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، على أهمية التوجه نحو الصناعات التحويلية التي تقوم بتحويل المواد الخام والموارد الطبيعية (مثل المعادن، المواد النباتية، أو الحيوانية) إلى منتجات نهائية أو وسيطة، والتي تُستخدم في مختلف القطاعات الاقتصادية، مشددًا على أن هذا القطاع يمثل القاطرة الأساسية للتنمية الصناعية في مصر، لأنه يضيف قيمة اقتصادية أعلى من مجرد استخراج المواد الخام أو تصديرها كما هي، مثل (الصناعات الهندسية) التي تُعد قطاعًا حيويًا يساهم بشكل كبير في نمو الاقتصاد المصري، حيث يمثل حوالي 19% من الشركات الصناعية، وله دور مهم في مؤشر الأداء الصناعي. كما أنه يمثل نسبة كبيرة من الصادرات المصرية، ويوفر فرص عمل لنسبة كبيرة من الشباب المصري، والذي يمثل حوالي 20% من العاملين في القطاع الصناعي.
قيمة الصادرات الهندسية
وأوضح الدكتور عبد المنعم السيد، في تصريحات لـ "البوابة نيوز"، أن قيمة الصادرات الهندسية المصرية بلغت نحو 3.1 مليار دولار في النصف الأول من عام 2025، بزيادة نسبتها 15% عن نفس الفترة من العام الماضي 2024، محققة بذلك أعلى رقم نصف سنوي في تاريخ القطاع.
وأضاف مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أنه اعتبارًا من نهاية شهر مايو الماضي فقط، وصلت الصناعات الهندسية إلى 2.6 مليار دولار، ما يُشير إلى نمو سنوي بنسبة 17% من يناير إلى مايو 2025 مقارنة بنفس الفترة في 2024، وفي شهر يناير وحده سجل القطاع 526.2 مليون دولار من الصادرات، بنمو مذهل نسبته 42% عن يناير 2024.
أبرز القطاعات التصديرية
ومن أبرز القطاعات المساهمة في نمو صادرات القطاع المعادن، التي شهدت قفزة استثنائية تجاوزت 260%، مما يعكس تزايد الطلب العالمي على منتجات مصرية تنافسية. ثم جاءت الكابلات الكهربائية التي حققت نموًا قويًا بنسبة 72.8% في يناير فقط.
ويليها الأجهزة الكهربائية والمنزلية التي ارتفعت بنسبة تتراوح بين 17% إلى 65% في قطاعات مثل الأجهزة الكهربائية والإلكترونية والمعدات الصناعية. ثم مكونات السيارات التي سجلت زيادة بنحو 6% إلى 15% حسب الفترة، مع نمو 9.5% في يناير، تلتها معدات النقل والمركبات التي شهدت قفزات متتالية محققة نموًا بنسبة 34% في أول خمسة أشهر من العام الجاري.
ويأتي بعد ذلك العديد من الصناعات مثل السفن والآلات الصناعية، حيث شهدت نموًا مذهلًا، فعلى سبيل المثال قفزت صادرات السفن بنسبة 284% في يناير 2025.
توطين التكنولوجيا الصناعية
وأضاف السيد أنَّه لا شك أنَّ قطاع الصناعات الهندسية يقدم قيمة مضافة ويساهم في توطين التكنولوجيا الصناعية في مصر، كما تساهم الصناعات الهندسية في توفير العديد من المنتجات التي يحتاجها السوق المحلي في مختلف القطاعات وزيادة معدل النمو الاقتصادي، ويعزز النمو في قطاع الصناعات الهندسية من جاذبية مصر كوجهة للاستثمارات الأجنبية، وهو ما ظهر في المنطقة الصناعية بمحور قناة السويس بوجود شركات صناعية أجنبية مثل "تيدا" الصينية وغيرها.
وأكد الدكتور عبد المنعم السيد على ضرورة تطوير التكنولوجيا وزيادة القدرات التنافسية وجذب الاستثمارات الأجنبية في هذا القطاع، وهو ما يساعد على توطين التكنولوجيا وزيادة الصادرات.
أهم الصناعات التحويلية
وأشار السيد إلى أنَّه من أهم الصناعات التحويلية في مصر أيضًا الصناعات الغذائية التي تعتمد على الزراعة والثروة الحيوانية والسمكية، مثل (تصنيع الألبان، منتجات اللحوم، الأسماك، الزيوت النباتية، السكر، العصائر) وغيرها من الصناعات التحويلية الغذائية، والتي تمثل نحو 24% من إجمالي الإنتاج الصناعي، وتستحوذ على نصيب كبير من الصادرات، خاصة للأسواق العربية والأفريقية.
وكذلك تُعد صناعة الغزل والنسيج والملابس من القطاعات الهامة في الصناعات التحويلية، وتشمل الغزل والنسيج والملابس الجاهزة والمفروشات.
ويستوعب هذا القطاع مئات الآلاف من العمالة، ويساهم بقدر مهم في الصادرات المصرية، خاصة لأسواق (أوروبا وأمريكا).
كما أن الصناعات الكيماوية والدوائية تُعد من الصناعات التحويلية التي اهتمت بها مصر في السنوات الأخيرة، حيث تم إنشاء أكبر مجمع للبتروكيماويات والأسمدة بمنطقتي العين السخنة والإسكندرية، وتشمل هذه الصناعات (الأسمدة، البلاستيك، المنظفات، الأدوية، مستحضرات التجميل).
وتُعد مصر من الدول التي تمتلك سوقًا دوائيًا ضخمًا تصل قيمته إلى أكثر من 50 مليار جنيه سنويًا تقريبًا، فيما تطمح الحكومة المصرية لأن تكون مركزًا إقليميًا لتصدير الصناعات الدوائية.
وأضاف: كما تُعد صناعات "مواد البناء" من (الأسمنت، والحديد والصلب، والسيراميك، والزجاج، والألومنيوم) من القطاعات الصناعية العامة والحيوية في مصر، حيث تُعد مصر من أكبر منتجي الأسمنت في الشرق الأوسط. وتدعم هذه الصناعات التوسع العمراني الكبير (مثل العاصمة الإدارية والعلمين) وغيرها من المدن الجديدة، فضلًا عن مشروعات البنية التحتية.
وأوضح أنه على الرغم من أن هذه الصناعات تُسهم في تقليل معدل البطالة وتوفير احتياجات السوق المحلي والتصدير للخارج بما يزيد الحصيلة الدولارية، فإنها تُعد من الركائز المهمة لتحقيق هدف زيادة الصادرات والوصول إلى حلم 100 مليار دولار سنويًا.
تحديات قطاع الصناعات التحويلية
وأكد الدكتور عبد المنعم السيد أن هناك العديد من التحديات التي تواجه قطاع الصناعات التحويلية، من بينها ارتفاع تكاليف الطاقة ومدخلات الإنتاج، والمنافسة الشرسة من المنتجات المستوردة، خصوصًا الصينية والتركية، فضلًا عن الحاجة الماسة إلى تطوير وتوطين التكنولوجيا وزيادة الاعتماد على البحث والتطوير.
وأشار إلى أن الدولة مطالبة بسرعة اتخاذ الإجراءات والقرارات اللازمة لمواجهة هذه التحديات والتغلب عليها.