تمتلك مصر طبقًا لبيانات وزارة التعليم العالي أكثر من 92 كلية ذكاء اصطناعي على مستوى الجمهورية بالجامعات الأهلية والخاصة والحكومية، وهي ثروة حقيقية تخرج الآلاف من الكوادر سنويًا لسوق العمل من بينهم الكوادر المميزة التى تمتلك أفكارًا مبتكرة ورؤية مختلفة بمجال الذكاء الاصطناعي.
وتستهدف شركات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمصر والدول العربية هذه الكوادر واستقطابها والاستفادة منها كل عام.
وقبل تخرج هذه الكوادر لسوق العمل يقوم الطلاب فى العام الدراسي الأخير بإنتاج وعمل مشروع تخرج تحت إشراف أعضاء هيئات التدريس والكوادر العلمية والإدارية بكليات الذكاء الاصطناعي، ومن شروط اجتياز مشروع التخرج أن يقدم هؤلاء الطلاب أفكارًا جديدة ومبتكرة بمجال الذكاء الاصطناعي ويقومون بتنفيذها بشكل علمي متميز وتعرض هذه المشاريع على لجنة تحكيم فى نهاية العام الدراسي ويتم تقييمها ومنح التقدير لها.
والسؤال هنا: لماذا لا تستفيد الحكومة والدولة المصرية من هذه الكوادر لرفع كفاءة المحليات والقطاع الحكومي بالمحافظات من شركات وهيئات ومديريات خدمية، وهي الكنز الحقيقي للاقتصاد المصري؟ لا سيما أن الاستفادة من هؤلاء الكوادر وأفكارهم من دون تكلفة سيمثل نقلة نوعية حقيقية بالمحليات!؟.
ومن هنا،نقترح على الدكتور مصطفي مدبولي رئيس مجلس الوزراء أن يصدر تعليماته لوزير التعليم العالي بأن تكون ضمن الخطة الدراسية لكليات الذكاء الاصطناعي 2025 – 2030 توجيه مشاريع التخرج للمحليات والمؤسسات بها باستخدام الذكاء الاصطناعي.
بمعني أدق، أن تكون مشاريع تخرج طلاب الذكاء الاصطناعي على الدواوين الحكومية والمديريات الخدمية والشركات والهيئات الهامة بالمحافظات، حيث يقوم الطلاب بتقديم أفكارهم وعمل مشاريع تخرجهم على كيفية رفع كفاءة العمل الإداري والفني في هذه الهيئات باستخدام الذكاء الاصطناعي وتقديم خدمات أفضل للمواطنين.
ستمثل هذه المشاريع بعد اجتيازها من كليات الذكاء الاصطناعي نقلة هامة جدًا لوزارة التنمية المحلية من أجل الاختيار من بينهم لتفعيلها فى هذه الهيئات وتعميمها. وهي أفكار مبتكرة وتم تنفيذ نماذجها تحت إشراف بيت خبرة يتمثل فى كليات الذكاء الاصطناعي.
وتستهدف هذه الخطوة أن تستفيد الحكومة من الأفكار والاختيار من بينهم الأفضل والقابل للتنفيذ، وهي خدمة مجانية يقدمها الطلاب للحكومة قبل التخرج والالتحاق بسوق العمل.
بناء على ذلك، نقترح الآتي على السيد رئيس الوزراء ليناقشه فى اجتماع مجلس المحافظين القادم:
- أن يكون ضمن جدول أعمال مجلس المحافظين القادم كيفية الاستفادة من كليات الذكاء الاصطناعي بالمحافظات لرفع كفاءة العمل الاداري وتقديم خدمة افضل للمواطنين.
- أن يتم دعوة وزير التعليم العالي لحضور مجلس المحافظين بمشاركة وزيرة التنمية المحلية والتنسيق حول آلية الاستفادة من مشاريع تخرج كليات الذكاء الاصطناعي بالمحافظات.
- يقوم المحافظون بإعداد قائمة بالمديريات والهيئات والدواوين المطلوب رفع كفاءة العمل الإداري بها باستخدام الذكاء الاصطناعي وإرسال هذه القائمة لوزير التعليم العالي لتقديمها لكليات الذكاء الاصطناعي لتكون هذه القائمة التي يختار من بينها الطلاب مشاريع تخرجهم وتنفيذها على الجهات المحددة بالقائمة.
- تقديم التسهيلات لهؤلاء الطلاب بزيارة الاماكن المستهدفة لمشاريعهم وتقديم كل سبل الدعم اللوجستي المطلوب الذى يمكنهم من تقديم أفكارهم بشكل صحيح لتطوير العمل.
- مشاركة قيادات هذه المؤسسات حفل مناقشة مشاريع التخرج للاستفادة من الأفكار وتقييم لجان التحكيم.
- تكريم المشاريع المتميزة من قبل وزارة التعليم العالي ووزارة التنمية المحلية وتقديم الدعم المعنوي لهؤلاء الطلاب ومجهودهم الكبير.
- استقطاب الكوادر المميزة من خريجي هذه الكليات وتعيينهم لرفع كفاءة العمل الإداري والفني بالمحافظات.
- ضرورة إنشاء إدارات للذكاء الاصطناعي بالمحافظات.
وبعد.. إن تعليمات رئيس الجمهورية وتوجهاته المستمرة واضحة بالجمهورية الجديدة بضرورة الاستفادة بالذكاء الاصطناعي فى كافة المجالات، وهو ما أكد عليه الرئيس الأسبوع الماضي خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بوضع استراتيجيات واضحة وقابلة للتنفيذ لتطبيق الذكاء الاصطناعي، مع التركيز على البحث والتطوير والتدريب، وضمان الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة وتعظيم الاستفادة منها.
أخيرًا، إن مصر تمتلك فرصًا عظيمة وكبيرة للتقدم في ملف الذكاء الاصطناعي سواء في الأفكار والكوادر أو الإمكانيات والإستراتيجيات المتاحة، ويتبقى فقط التخطيط الجيد والمتابعة والتنفيذ بشكل فعال على أرض الواقع وهي المعادلة التى لو تحققت بشكل واعٍ وصادق ستنقل بلادنا إلى المكان الذي تستحقه.
*باحث فى مجال الذكاء الاصطناعي
