أخبار عاجلة

اغتيال رابين دفن "الوديعة".. الشرع على مفترق طرق بين التطبيع  والصراع

اغتيال رابين دفن "الوديعة".. الشرع على مفترق طرق بين التطبيع  والصراع
اغتيال رابين دفن "الوديعة".. الشرع على مفترق طرق بين التطبيع  والصراع

في ممرات التاريخ الضيقة، غالبًا ما تختزل مصائر الأمم في لحظات مفصلية. كانت "وديعة رابين" - التعهد الشفهي الذي قطعه رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل إسحق رابين بالانسحاب الكامل من مرتفعات الجولان مقابل ترتيبات أمنية - على وشك أن تكون إحدى هذه اللحظات التي تُغيّر خريطة الصراع في الشرق الأوسط.

 لكن رصاصة متطرف يهودي معاد للسلام في نوفمبر 1995، أوقفت هذا المسار، لتسقط معها أحلام التسوية وتدخل العلاقات السورية-الإسرائيلية في نفق مظلم لم تخرج منه حتى اليوم.

بعد عقود من تلك الجريمة السياسية، وتحديداً في أعقاب الحرب الأهلية السورية التي أعادت تشكيل المشهد من جذوره، تعود التساؤلات عن إمكانية السلام مع العدو التاريخي، ولكن هذه المرة في سياق مختلف تماماً. لقد سقط نظام بشار الأسد، وحلت محله سلطة جديدة بقيادة "هيئة تحرير الشام" بزعامة "الشرع" (المعروف سابقاً بأبي محمد الجولاني)، الذي غيّر من خطابه المتشدد وبدأ مرحلة جديدة من إدارة الدولة.

انقسام مجتمعي عميق


اليوم، وفي خضم الحرب الدائرة في غزة، لم يعد هناك موقف سوري جامع تجاه إسرائيل.
تقسم أستاذة العلوم السياسية في جامعة لانكستر، الدكتورة رهف الدجلي، الرأي العام السوري إلى ثلاثة معسكرات متباينة. المعسكر الأول، وربما هو الأكبر، يضم من أنهكهم القتل والدمار منذ 2011، وهم مستعدون لقبول السلام مع إسرائيل ليس حباً بها، بل أملاً في إنهاء المأساة ومنح البلاد فرصة للتعافي، خاصة وأن عدد قتلى الحرب الداخلية فاق بكثير عدد قتلى الحروب مع إسرائيل.
في المقابل، يعارض فريق ثانٍ إبرام النظام الحالي، ذي الصفة الانتقالية وغير المنتخب، أي اتفاق سلام من دون تخويل شعبي. أما المعسكر الثالث فيجمع فئات ترفض التطبيع جملة وتفصيلاً، لأسباب أيديولوجية متعلقة بالصراع العربي-الإسرائيلي، أو لأسباب طائفية، حيث يخشى بعض أبناء الأقليات من أن يتم اتهامهم بـ"التعاون مع إسرائيل" ويتعرضوا لعمليات انتقامية من قبل المسلحين الرافضين لأي تفاوض.

التحدي الأكبر

يظل التحدي الأبرز لأي مفاوضات محتملة هو موقف المقاتلين السابقين في صفوف المعارضة، والذين قادوا حملة الإطاحة بنظام الأسد. فهل تقبل هذه العناصر، التي تحمل خلفية إسلامية متشددة وجهادية، باتفاق سلام مع إسرائيل؟
ترى الدكتورة الدجلي أن "الشرع" غير قادر على فرض التطبيع الكامل على المقاتلين الإسلاميين، سواء كانوا أجانب أو سوريين، "الذين يتخذون موقفاً راديكالياً داعماً للقضية الفلسطينية". وهذا يشكل قيداً كبيراً على أي حركة دبلوماسية محتملة.

من جهته، يشير الخبير الأمني الدكتور كمال العبدو إلى أن أي تفاهمات مستقبلية قد تأخذ شكلاً مختلفاً، يركز على التعاون الأمني وليس السلام الشامل. يمكن أن تشمل هذه التفاهمات محاربة التيارات المتطرفة وإبعاد "الجماعات الراديكالية" عن الحدود مع إسرائيل، وهو أمر قد تتفق عليه الأطراف المختلفة لحفظ الاستقرار.

ورقة الدرزية والحدود الآمنة

أحد الملفات التي قد تمثل جسراً للتفاهم هو وضع الطائفة الدرزية في سوريا. يُلمح الصحفي الإسرائيلي إيهود ياري، الخبير في الشؤون العربية، إلى إمكانية إبرام اتفاقيات أمنية جديدة تحل محل اتفاقية فك الارتباط لعام 1974، وقد تشمل "تطبيعاً" بين مكونات دينية داخل سوريا (مثل الدروز) وإسرائيل.
وقد أظهرت إسرائيل اهتماماً واضحاً بدروز سوريا، بل وغارة عسكرية استهدفت منطقة قرب القصر الرئاسي في دمشق كانت رسالة، كما صرّح رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو، مفادها أن "إسرائيل ملتزمة بحماية دروز سوريا". هذه الورقة قد تكون إحدى أدقة أوراق التفاوض في أي حوار مستقبلي.

الاقتصاد.. الطعم والحلم المراوغ

مع إعلان الرئيس الأمريكي عن رفع العقوبات عن سوريا، انتعشت الآمال بإنعاش الاقتصاد المنهك. ورغم أن واشنطن لم تربط صراحةً بين رفع العقوبات والتطبيع مع إسرائيل، إلا أن هناك قطاعاً من السوريين يرى في السلام مفتاحاً للاستثمارات الدولية والرخاء.
وبحسب استطلاع للرأي أجراه المركز السوري لدراسات الرأي العام، فإن نحو 70% من المستطلعين يعتقدون أن السلام مع إسرائيل سيؤدي إلى قدوم الاستثمارات العربية والدولية إلى البلاد. ويذهب ياري إلى أبعد من ذلك، مقترحاً أن تساعد إسرائيل في حل أزمة الطاقة في سوريا عبر ضخ الغاز الإسرائيلي إليها ثم إلى لبنان.
لكن الدكتور العبدو يحذر من هذا الوهم، مستشهداً بالنموذج المصري الذي أبرم سلاماً مع إسرائيل قبل 45 عاماً ولم يُترجم ذلك إلى رخاء اقتصادي لشعبه، مما يشير إلى أن السلام السياسي ليس بالضرورة تذكرة للنهضة الاقتصادية.

--

المصدر : BBC العربي
 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق طريقة كيكة الزبادي المحشية لحلوى لذيذة وسهلة
التالى المهرجان القومي للمسرح التجريبي يكشف عن البوستر الرسمي للدورة الـ32