من بين أمواج البحر ورمال الشاطئ في مدينة عنابة الجزائرية، ارتفعت راية مصر عالية بفضل فتاة لم تتجاوز الثامنة عشرة من عمرها، لكنها حملت على عاتقها شغفًا أكبر من سنواتها، إنها مريم محمد عوض الله، لاعبة المنتخب المصري للتجديف، التي أثبتت أن الإرادة المصرية لا تعرف حدودًا، وأن بنات هذا الوطن قادرات على تشريفه في كل محفل دولي.
بدأت رحلة مريم الرياضية منذ طفولتها؛ فعرفت طريقها أولًا إلى الجمباز والسباحة، قبل أن يخطفها التجديف وهي في الحادية عشرة من عمرها، لم يكن الطريق سهلًا لكن موهبتها وإصرارها جعلاها تتوج في بطولات محلية عدة بالمركز الأول، وتصل إلى منصة التتويج الإفريقية أكثر من مرة، محرزة المركز الثاني في بطولتين قارتين أقيمتا بمدينة العلمين الجديدة.
دورة الألعاب الإفريقية
وجاءت اللحظة الأهم هذا العام، حين شاركت مريم ضمن بعثة مصر في دورة الألعاب الإفريقية المدرسية 2025، التي استضافتها الجزائر بمشاركة منتخبات من خمس دول. على شاطئ عنابة، واجهت منافساتها بثقة، لتكتب فصلًا جديدًا من إنجازاتها، وتمكنت البطلة المصرية من الفوز بذهبيتين تاريخيتين “الأولى في منافسات الفردي تحت 19 سنة، والثانية في منافسات الزوجي المختلط بنفس الفئة العمرية”.
إنجاز مريم لم يكن مجرد ميداليات تزين عنقها، بل رسالة قوية للعالم بأن الفتاة المصرية لا تعرف المستحيل، وأنها حين تؤمن بنفسها تصل إلى القمة، وبهذا الأداء لم ترفع مريم اسمها فقط، بل رفعت اسم مصر عاليًا، مؤكدة أن فتيات هذا الوطن فخر لأهلهن، ورمز لقدرة المرأة المصرية على كسر الحواجز وتحقيق ما يعجز عنه الكثيرون، وفي كل stroke من مجدافها، وفي كل لحظة صراع مع الأمواج، كانت مريم تثبت أن الحلم المصري لا يعرف الانكسار.
واليوم، تُعد قصتها مصدر إلهام لآلاف الفتيات اللواتي يرين في نجاحها انعكاسًا لإمكانياتهن الكامنة، ودليلًا على أن العزيمة والشغف كفيلان بتحويل المستحيل إلى واقع.
