في لحظة صامتة يختلط فيها البرد القارس بأنفاس متسارعة، وقفت المصرية راوية عبد الله فوق قمة “جاشيروم 1” في باكستان على ارتفاع 8080 مترًا، لترفع علم مصر عاليًا، وتكتب لنفسها ولبلدها صفحة جديدة من الفخر، كان ذلك مع بزوغ فجر 22 يوليو 2025، في تمام الساعة الخامسة وخمسين دقيقة بتوقيت باكستان، حين أصبحت راوية أول مصرية في التاريخ تصل إلى هذه القمة الخطرة.
“جاشيروم 1” ليس جبلًا عاديًا، فهو ثالث أصعب قمم العالم بعد “K2” و”نانجا باربات”، ويشتهر بظروفه الجوية القاسية وانحداراته المخيفة، ورغم أن ارتفاعه يقل بـ769 مترًا عن جبل إيفرست، إلا أن خبراء التسلق يعتبرونه اختبارًا حقيقيًا للشجاعة والتحمل، حيث فشل كثيرون في الوصول إلى قمته، لكن راوية القادمة من أرض الكنانة، أثبتت أن الإرادة المصرية لا تعرف المستحيل.
رحلة راوية لم تبدأ من هنا، فقد سبقتها محطات شكلت خطوات تمهيدية نحو هذا المجد، صعدت من قبل قمة كليمنجارو في تنزانيا، أعلى قمم إفريقيا بارتفاع 5895 مترًا، ثم اجتازت قمة أكونكاجوا في الأرجنتين، أعلى قمم الأمريكتين بارتفاع 6960 مترًا. واليوم، أضافت إلى رصيدها واحدة من أعقد مغامرات التسلق في العالم، وإنجاز راوية ليس مجرد رقم يُسجل في موسوعة، بل رسالة أمل واعتزاز تُوجهها إلى كل امرأة مصرية.
فقد أثبتت أن النساء قادرات على اقتحام أصعب الميادين، وأن الجبال مهما علت لا يمكن أن تصمد أمام عزيمة صلبة وإيمان بالقدرة على تحقيق المستحيل، وبرفعها العلم المصري على ارتفاع يتجاوز الثمانية آلاف متر، أكدت راوية أن مصر مليئة بالطاقات النسائية التي تستطيع أن تنافس وتبدع وتحقق إنجازات عالمية. هي لم تكتب قصة نجاح شخصية فحسب، بل جسدت حكاية جيل كامل من السيدات اللواتي يثبتن يومًا بعد يوم أنهن فخر مصر، وعنوان قوتها.





