تخلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن مطلبه السابق بوقف إطلاق النار الفوري من جانب روسيا في أوكرانيا، وبات يميل إلى الضغط على كييف للقبول بتسويات إقليمية لمصلحة موسكو، في إطار صفقة سلام تشمل أيضًا ضمانات أمنية أمريكية.
التحول المفاجئ في موقف ترامب جاء عقب قمته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا، حيث تحدث عن "تقدم" في مسار السلام من دون تقديم تفاصيل واضحة. ومن المقرر أن يلتقي ترامب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وقادة أوروبيين في البيت الأبيض الاثنين.
أفضل وسيلة لإنهاء الحرب
وقبل لقاء بوتين، كان ترامب قد أكد أنه سيكون "غاضبًا" إذا لم يوافق الرئيس الروسي على وقف إطلاق النار في أنكوراج، كما كان قد طمأن الأوروبيين بعدم الدخول في مفاوضات حول تنازلات إقليمية. إلا أن مخرجات القمة بدت معاكسة لهذه الالتزامات.
وفي منشور على منصات التواصل بعد اتصال مع زيلينسكي وقادة أوروبيين، قال ترامب: "تقرر من الجميع أن أفضل وسيلة لإنهاء الحرب المروعة بين روسيا وأوكرانيا هو المضي مباشرة نحو اتفاق سلام، وليس مجرد وقف إطلاق نار غالبًا ما ينهار سريعًا".
لكن هذا التوجه يتعارض مع المبدأ الأوروبي–الأوكراني الذي يشترط وقف إطلاق النار قبل الانخراط في مفاوضات سلام رسمية. زيلينسكي من جانبه أوضح أن اجتماع الاثنين "سيسمح بمناقشة جميع تفاصيل إنهاء القتل والحرب".
مؤشرات ظهرت أيضًا على استعداد موسكو لتخفيف بعض مطالبها. فقد كشف المستشار الألماني فريدريش ميرتس أن ترامب أبلغ الأوروبيين بأن روسيا باتت مستعدة للتفاوض وفق "خطوط التماس الحالية" لا على حدود الأقاليم الأربعة التي ضمتها بشكل غير قانوني.
ضمانات أمنية
كما أكد مبعوث ترامب الخاص ستيف ويتكوف أن بوتين وافق على ضمانات أمنية "قوية" لأوكرانيا، واصفًا ذلك بأنه "مغير لقواعد اللعبة"، إذ تتيح لواشنطن تقديم حماية أشبه بالمادة الخامسة من ميثاق الناتو.
غير أن العقبة الكبرى تبقى ما يسميه ترامب "تبادل الأراضي"، رغم أن كل الأراضي المتنازع عليها تعود سياديًا إلى أوكرانيا. زيلينسكي شدد مجددًا على أن الدستور الأوكراني يمنعه من التنازل عن أي جزء من أراضي البلاد، محذرًا من أن الانسحاب من دونباس "سيفتح الطريق أمام روسيا لغزو بقية أوكرانيا، بما فيها كييف".
الاتحاد الأوروبي بدوره سعى لتبريد التوقعات؛ إذ قالت الممثلة العليا للسياسة الخارجية كايا كالاس إن "إصرار ترامب على التوصل إلى اتفاق سلام أمر مهم، لكن الواقع المرير أن روسيا ليست لديها نية حقيقية لإنهاء الحرب قريبًا".
وأضافت: "واشنطن تملك القدرة على إجبار موسكو على التفاوض بجدية، وروسيا لن توقف الحرب ما لم تدرك أنها غير قادرة على الاستمرار".
وبينما يراهن الجمهوريون على أن وساطة ترامب تقرّب موسكو وكييف من نهاية النزاع، حذّر الديمقراطيون من أن الرئيس الأمريكي "يمنح بوتين ما يريد من دون مقابل".
وقال السيناتور الديمقراطي كريس ميرفي إن ترامب خرج من قمة ألاسكا "من دون وقف إطلاق نار، ومن دون صفقة سلام، ومن دون عقوبات إضافية، وهو ما يجعلها هدية مجانية لروسيا".
