أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية، على لسان متحدثها إسماعيل بقائي، أن طهران تعتزم مواصلة الحوار مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأن جولة جديدة من المفاوضات قد تُعقد خلال الأيام المقبلة، في ظل تصاعد التوترات حول ملفها النووي.
وفي وقت سابق، وصف وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، العلاقة مع الوكالة بأنها دخلت "عهداً جديداً"، مشيرًا إلى دعوة رسمية وُجهت لنائب مدير الوكالة لزيارة طهران استجابة لطلبات متكررة.
لكنه لم يُغفل التلميح إلى وجود فجوة ثقة، ملمحًا إلى أن الوكالة لم تكن منصفة في تعاملها مع طهران في الأشهر الأخيرة، بل وأشار إلى أنها أصدرت قراراً قبيل الحرب مع إسرائيل كان له أثر سلبي، ولام مديرها العام على "تجاهل" الهجمات التي طالت المنشآت النووية الإيرانية.
ووسط هذه المستجدات، صادق الرئيس الإيراني، مسعود بيزشكيان، في يوليو الماضي، على قانون يقضي بتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. القانون الجديد يشترط أن تخضع أي عمليات تفتيش نووي مستقبلية لموافقة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، ما يعيد ترتيب قواعد الاشتباك الدبلوماسي والتقني بين الطرفين.
ورغم إصرار إيران على الطابع السلمي لبرنامجها النووي، لا تزال الوكالة الدولية تبدي قلقًا بالغًا إزاء نحو 400 كيلوجرام من اليورانيوم عالي التخصيب المخزن داخل إيران. وأعرب المدير العام للوكالة، رافائيل جروسي، عن رغبة في استئناف المحادثات الفنية، مع إمكانية التدرج لاحقًا نحو مشاورات على مستويات أعلى.
تشكيك في النوايا الدولية
أما على الجبهة الأميركية، فقد أكد بقائي أن إيران لا تمانع استئناف المحادثات غير المباشرة مع واشنطن إذا ما توفرت الشروط المناسبة، غير أنه نفى وجود خطط فورية لجولة سادسة من المفاوضات، التي كانت تُجرى بوساطة سلطنة عُمان، قبل أن تتوقف عقب الحرب التي اندلعت بين إيران وإسرائيل في يونيو الماضي.
وعلى الأرض، ورغم إعلان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب أن الضربات الأخيرة دمرت القدرات النووية الإيرانية، كشفت تقارير أميركية لاحقة أن موقعًا واحدًا فقط من بين ثلاثة تضرر بشكل كبير، في حين بقي الموقعان الآخران شبه سليمين.
وتستمر نقاط الخلاف الجوهرية قائمة، أبرزها مطالبة واشنطن لطهران بوقف تخصيب اليورانيوم داخليًا، وهو ما ترفضه إيران بحزم، مستندة إلى حقها كدولة موقعة على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.
في هذه اللحظة الدقيقة، يبدو أن طهران تسعى إلى فرض معادلة جديدة: حوار بشروطها، وتفتيش بموافقتها، وتخصيب تراه مشروعًا، في مواجهة تشكيك دولي وضغوط متزايدة.