الاتحاد الأوروبي يخطط لاستنساخ التجربة السويدية لتحفيز الاستثمار في مدخرات الأسر

الاتحاد الأوروبي

يسعى الاتحاد الأوروبي إلى ضخ تريليونات اليوروات في مدخرات الأسر عبر تشجيع المواطنين على الاستثمار في أسواق رأس المال، معتبراً السويد نموذجاً يُحتذى به في هذا المجال.

ومن المتوقع أن تكشف أوروبا خلال هذا الربع عن تفاصيل خطة تستهدف استغلال أموال المواطنين المودعة في البنوك، ضمن إطار اتحاد الادخار والاستثمارات.

وتهدف الخطة إلى تسهيل الاستثمار لرفع ثروات الأسر وتعزيز وصول الشركات إلى التمويل، بينما يرى محللون أن هذه الخطوة قد تمهد لاعتماد واسع لحسابات مصرفية على الطراز السويدي تمكّن الأفراد من استثمار مدخراتهم بسهولة في الأسهم.

ويأتي ذلك في وقت اقترحت فيه بولندا، في مطلع هذا الشهر، إنشاء حساب توفير استثماري على غرار نظام "إنفيسترينغز سباركونتو" السويدي (InvesteringsSparKonto) المعروف اختصاراً بـ(ISK)، بهدف ترسيخ ثقافة استثمارية جديدة قادرة على جذب 100 مليار زلوتي (27 مليار دولار) في غضون السنوات الثلاث الأولى.

وأكد فيليب شولتزي، خبير اقتصاديات الادخار في بنك "أفانزا هولدينغ إيه بي"، أن قاعدة تداول الأفراد في السويد "من بين الأفضل في العالم"، مشيراً إلى سهولة استثمار المواطنين في الشركات المدرجة بفضل نظام (ISK).

النموذج السويدي كنموذج مثالي

وصفت المفوضية الأوروبية السويد بأنها مثال بارز لـ"أفضل الممارسات" في مجال الاستثمار الفردي.

وأوضح متحدث باسم إدارة الخدمات المالية في المفوضية أن الاتحاد الأوروبي يسعى إلى تزويد المواطنين "بمجموعة أوسع من الأدوات والمعارف لاستثمار مدخراتهم بطرق تُفيد اقتصادهم الشخصي بشكل مباشر، مع دعم المشهد الاستثماري الأوروبي ككل".

وبفضل سياسات اقتصادية استمرت لعقود، أصبح الاستثمار في الأسهم في السويد أشبه بالرياضة الوطنية.

وتستثمر الأسر السويدية أكثر من نصف مدخراتها في الأسهم، وهو ما يزيد على ضعف المعدل في منطقة اليورو، وفق تقرير صادر عن المعهد الأوروبي للادخار هذا العام. ويسمح نظام (ISK)، المعمول به منذ عام 2012، لأي شخص يمتلك حساباً مصرفياً بتداول الأسهم بسهولة، كما يُعفى من ضريبة أرباح رأس المال، مما يمكّن من شراء وبيع الأوراق المالية مباشرة عبر تطبيقات الهاتف المحمول.

محمد صالح، مدير اتصالات يبلغ من العمر 32 عاماً ويقيم في ليستربي جنوب السويد، استثمر في النظام منذ أكثر من عشر سنوات. قال صالح: "للسويديين سبب وجيه للامتنان لحساب ISK. لطالما ادّخرت المال لبناء مستقبل اقتصادي مستقر، لكنني لم أكن أعرف كيف أنمّي أموالي".

أنشأ صالح حساباً على إنستجرام لتوثيق رحلته نحو زيادة أصوله إلى مليون كرونة سويدية (105 آلاف دولار أمريكي)، ونجح في تحقيق هدفه قبل سنوات، وما زال ينشر نصائح حول الاستثمار في الأسهم، مشيراً إلى أن أصغر متابع له كان يبلغ 13 عاماً وافتتح حساب (ISK) بمساعدة والديه.

أهمية النظام للشباب

ساهم نظام (ISK) في تبسيط هيكل الضرائب على استثمارات رأس المال وإزالة العقبات البيروقراطية التي كانت تثني الأفراد عن المشاركة سابقاً.

وأكدت فريدا برات، خبيرة الادخار في "نوردنت بنك إيه بي"، أن هذا النظام يمثل "طريقة أكثر بساطة لشراء الأسهم، وهو أمر بالغ الأهمية خصوصاً للشباب".

ووفق بيانات "يوروكلير سويدين"، يمتلك نحو ربع السويديين أسهماً مباشرة في الشركات المدرجة بالبورصة، بمتوسط حصص يصل إلى 540 ألف كرونة سويدية (56,552 دولاراً).

كما تُظهر بيانات جمعية صناديق الاستثمار السويدية أن حوالي 70% من السويديين يستثمرون أموالهم مباشرة في صناديق الاستثمار المشتركة.

وفي المقابل، تُظهر مراجعة أجرتها مجموعة "أبردين" في يناير أن 8% فقط من الثروة الشخصية في المملكة المتحدة تُستثمر في الأسهم وصناديق الاستثمار المشتركة.

خطة الاتحاد الأوروبي وتنفيذها

يبقى أن نرى مدى تأثير إطلاق حساب توفير واستثمار على مستوى الاتحاد الأوروبي في الأسواق الأوروبية الأوسع.

ويؤكد جوناس ستروم، الرئيس التنفيذي لبنك "نورديك" الاستثماري، أن تطبيق نجاح السويد المرتبط بحسابات (ISK) على نطاق أوروبي أوسع "ممكن تماماً".

وستكتفي المفوضية الأوروبية بتقديم مخطط تفصيلي لكيفية إنشاء الحساب، بينما ستقع مسؤولية التنفيذ على الدول الأعضاء.

ويرى ستروم أن نجاح المقترح يعتمد في النهاية على "الإرادة السياسية" للدول الأوروبية.