يُعدّ الهيدروجين والبطاريات بديلين قيد الدراسة لتشغيل القطارات في إسبانيا، وذلك تماشيًا مع سياسات الاتحاد الأوروبي لخفض الانبعاثات.
ووفق تفاصيل اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، أطلقت وزارة النقل والتنقل المستدام الإسبانية مشاورة سوقية أولية لاستكشاف خيارات الهيدروجين والبطاريات البديلة.
يأتي ذلك وسط اعتماد 4953 كيلومترًا من شبكة السكك الحديدية الإسبانية على محركات الديزل، وهو ما يُمثّل 42.5% من إجمالي شبكة السكك الحديدية التي تديرها إدارة البنية التحتية للسكك الحديدية المملوكة للدولة في إسبانيا، "أديف" (ADIF)، البالغ طولها 11,672 كيلومترًا.
وتستهدف هذه المشاورة 6 خطوط غير مكهربة، بما في ذلك أفيلا-سالامانكا، وتورالبا-سوريا، وهويسكا-كانفرانك، حيث يُتوقع أن تُحقق عمليات نشر قطارات الهيدروجين عالميًا إيرادات قدرها 653.6 مليار دولار على مدى السنوات الـ15 المقبلة، بمعدلات نمو تتجاوز 100% سنويًا.
معدل الكهربة الحالي في إسبانيا
يتماشى معدل الكهربة الحالي في إسبانيا البالغ 57.5% تمامًا مع متوسط الاتحاد الأوروبي، وفقًا لبيانات المكتب الإحصائي للمفوضية الأوروبية "يوروستات" لعام 2023، إلّا أنه يقلّ بشكل كبير عن القادة الإقليميين مثل لوكسمبورغ (96.7%) وبلجيكا (88.0%).
ويعكس هذا الوضع التحدي المتمثل في تحديث شبكات السكك الحديدية التقليدية الواسعة مع إدارة اقتصادات تقنيات الدفع البديلة التي ما تزال تجريبية إلى حدّ كبير على نطاق تجاري.
وفي الوقت نفسه، يتزامن توقيت مشاورات السوق الإسبانية مع النشر الأوروبي المتسارع لتقنيات السكك الحديدية البديلة.

وأطلقت ألمانيا قطارات تعمل بالهيدروجين في ولاية براندنبورغ، بينما نشرت 31 قطارًا يعمل بالبطاريات بمدى 120 كيلومترًا على شبكة شرق براندنبورغ، ما يدلّ على الجدوى التشغيلية لتكوينات مسارات محددة.
في المقابل، ما تزال عمليات النشر هذه محدودة في نطاقها وتوزيعها الجغرافي، ما يثير تساؤلات حول قابلية التوسع لمتطلبات إسبانيا الطبوغرافية والتشغيلية المتنوعة، بحسب تقرير طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
الهيدروجين في إسبانيا
حدّدت وزارة النقل والتنقل المستدام موعد إكمال إستراتيجيتها الإرشادية بشأن البطاريات والهيدروجين في إسبانيا، بعام 2026، ما يمثّل ضغطًا لاتخاذ قرارات سريعة بشأن التقنيات التي تتطلب استثمارات كبيرة في البنية التحتية، مع ضبابية بشأن جدواها على المدى الطويل.
وتنطوي الكهربة التقليدية على تكاليف رأسمالية متوقعة وموثوقية تشغيلية مثبتة، بينما تطرح أنظمة الهيدروجين والبطاريات متغيرات تشمل البنية التحتية للتزود بالوقود، وتعقيد الصيانة، ومخاطر تقادم التكنولوجيا.
وتُشير التطورات الأوروبية الأخيرة إلى إشارات متضاربة حول تبنّي التقنيات البديلة.
بدورها، حققت شركة السكك الحديدية السويسرية "ستادلر ريل" (Stadler Rail) رقمًا قياسيًا في مسافة قطار الهيدروجين بلغ 2803 كيلومترات على مدار يومين تقريبًا، مُظهرةً بذلك قدرة تقنية في ظل ظروف مضبوطة.
وقد تحقق هذا الإنجاز في ظل ظروف الاختبار وليس ظروف الخدمة التجارية، ما يحدّ من أهميته لتقييم الموثوقية التشغيلية وهياكل التكلفة في العالم الحقيقي.
تُظهر تقنية البطاريات إمكانات واعدة للمسارات الأقصر، حيث حققت قطارات "ميريو بلس بي" الألمانية (Mireo Plus B) مدى 120 كيلومترًا، ووصلت قطارات إيكوترين إي مود إلى مدى 80 كيلومترًا باستعمال كهرباء البطارية وحدها.
وتختلف خطوط السكك الحديدية المستهدفة في إسبانيا بشكل كبير من حيث الطول وأنماط الخدمة، ما يتطلب مطابقة دقيقة للقدرات التكنولوجية مع المتطلبات التشغيلية، بدلًا من افتراض إمكان التطبيق العالمي.

الاستثمار في البنية التحتية وواقع السوق
يشير حجم سوق قطارات الهيدروجين العالمي المتوقع، الذي يبلغ 653.6 مليار دولار أميركي على مدى 15 عامًا، إلى اهتمام تجاري كبير، إلّا أن هذا الرقم يتطلب تدقيقًا متأنيًا فيما يتعلق بالتوزيع الجغرافي والجداول الزمنية لنضج التكنولوجيا.
وما تزال عمليات نشر قطارات الهيدروجين الحالية متركزة في أسواق شمال أوروبا، وسط دعم محدد وتوافر للبنية التحتية قد لا ينعكس على الظروف الإسبانية.
ويُظهر استثمار إدارة البنية التحتية للسكك الحديدية المملوكة للدولة في إسبانيا، "أديف" الأخير البالغ 119.6 مليون يورو (138.90 مليون دولار) في كهربة خط سرقسطة-تيرويل-ساغونتو التزامًا مستمرًا بالكهرباء التقليدية إلى جانب استكشاف تقنيات بديلة.
ويشير هذا النهج الموازي إلى إدراك أن الحلول المختلفة قد تكون مثالية لخصائص المسارات المختلفة، بدلًا من السعي إلى استبدال التكنولوجيا عالميًا.
يشير تركيز الوزارة على "الشفافية والمساواة في المعاملة وعدم التمييز" بعملية التشاور مع السوق إلى إدراكها أن اختيار التكنولوجيا قد يؤثّر بشكل كبير في موردي المعدات المحليين والدوليين.
تجدر الإشارة إلى أن شركات تصنيع إسبانية مثل "سي إيه إف" (CAF) و"تالغو" (Talgo) استثمرت بكثافة في تقنيات السكك الحديدية التقليدية وعالية السرعة، ما قد يؤدي إلى تكوين اعتبارات تتعلق بالسياسات الصناعية تتجاوز التحسين التقني.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر..