في مشهد سياسي يترقبه العالم بأسره، اجتمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في قمة غير مسبوقة في ولاية ألاسكا الأمريكية، لتكون أول مواجهة مباشرة بين الزعيمين منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض.
لقاء ترامب وبوتين يفتح أبواب المجهول أمام العلاقات الدولية
القمة، التي حملت طابعًا استراتيجيًا، جاءت في ظل تصاعد الضغوط لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية التي دخلت عامها الرابع، وتزايد المخاوف الأوروبية من أي تقارب أمريكي-روسي قد يأتي على حساب كييف.

رسائل سياسية متبادلة
أكد ترامب في مستهل اللقاء أن "السلام في أوروبا لا يمكن أن يتحقق إلا عبر حلول عملية"، مشددًا على ضرورة وقف النزيف العسكري والاقتصادي.
ومن جانبة رحّب بوتين بالمبادرة الأمريكية، لكنه شدد على أن "أي تسوية يجب أن تراعي الحقائق الجديدة على الأرض"، في إشارة إلى سيطرة روسيا على مناطق في شرق أوكرانيا.
مخاوف أوروبية من صفقة كبرى
مصادر دبلوماسية أوروبية كشفت لـ"نيوز إنترناشونال" أن عدّة عواصم، أبرزها برلين ووارسو، أبدت قلقها من أن تضغط واشنطن على أوكرانيا لتقديم تنازلات إقليمية مقابل إنهاء الحرب، وهو ما تعتبره أوروبا تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي.
وفي هذا السياق، قال الخبير الألماني في الشؤون الأمنية هانز مولر: "أي تقارب سريع بين ترامب وبوتين قد يعيد رسم خريطة الأمن الأوروبي بالكامل،؟ وربما يعيد أجواء ما قبل حرب أوكرانيا لكن بثمن باهظ لكييف."
الملف الأوكراني على طاولة التفاوض
مصادر مطلعة أكدت أن القمة تناولت "خارطة طريق" محتملة تتضمن، وقف إطلاق النار الفوري لمدة 60 يومًا، مفاوضات مباشرة بين موسكو وكييف برعاية أمريكية-تركية، إلى جانب تجميد توسع الناتو شرقًا كضمانة لموسكو.
كما تناولت القمة، برنامج مساعدات أمريكي-أوروبي لإعادة إعمار أوكرانيا في حال التوصل إلى اتفاق.
خبراء يحللون: نهاية الحرب ليست قريبة
أكد الدكتور أندريه كوزنيتسوف، محلل العلاقات الدولية في موسكو، أن القمة "خطوة مهمة لكنها ليست كافية"، مشيرًا إلى أن "المواقف الجوهرية لم تتغير، ولا يزال الطرفان يتمسكان بشروط يصعب التوفيق بينها".
ومن جانبة، أوضح جيمس باترسون، خبير الأمن القومي الأمريكي، أن ترامب "يحاول استغلال القمة لإعادة فرض القيادة الأمريكية على المشهد الدولي، حتى لو اضطر لممارسة ضغوط على زيلينسكي لتقديم تنازلات".
وبدورها أكدت، إيلينا مارتينيز، الباحثة في مركز الدراسات الأوروبية أن "الخاسر الأكبر من أي اتفاق متسرع سيكون أوكرانيا، بينما المستفيد هو روسيا التي قد تحصل على اعتراف ضمني بمكاسبها الميدانية".
انعكاسات محتملة على العلاقات الروسية-الأوروبية
إذا ما تحقق تقارب بين واشنطن وموسكو، فإن أوروبا قد تواجه معضلة استراتيجية، أهمها فقدان الدعم الأمريكي الصلب لسياسات مواجهة روسيا.
انقسام داخل الاتحاد الأوروبي بين دول مؤيدة للتسوية وأخرى ترفض تقديم أي تنازلات.
تعزيز الدور الروسي في ملفات الطاقة، ما قد يزيد اعتماد بعض الدول الأوروبية على الغاز الروسي مجددًا.
نحو عالم متعدد الأقطاب؟
قمة ألاسكا بين ترامب وبوتين قد لا تنهي الحرب فورًا، لكنها بالتأكيد تعيد رسم ملامح النظام الدولي. فالمعادلة الجديدة قد تشهد تراجع نفوذ الناتو إذا قبلت واشنطن بتجميد توسعه. تعزيز الدور الروسي في المعادلات الإقليمية، العمل على إعادة تموضع أوكرانيا بين الشرق والغرب.
ويبقى السؤال الأهم: هل ستفتح هذه القمة باب السلام أم ستؤسس لجولة جديدة من الصراع بملامح مختلفة؟