في الوقت الذي تترقب فيه أسواق الذهب العالمية أي إشارة من واشنطن حول مصير الرسوم الجمركية المقترحة على سبائك الذهب المستوردة، تتزايد المخاوف من تداعيات خطوة كهذه على حركة الأسعار وتوازن الإمدادات بين المراكز المالية الكبرى.
فالإعلان الصادر عن البيت الأبيض بشأن إمكانية فرض رسوم جمركية على الذهب قد تقترب من 40% على بعض السبائك، أشعل موجة من التوترات وأعاد رسم مشهد التداولات، وسط فجوة سعرية غير مسبوقة بين الأسواق العالمية، وارتباك ملحوظ بين المستثمرين.
تأثير فرض رسوم جمركية على أسعار الذهب

وفي خضم هذه الأجواء المشحونة، قدم محمد صلاح، خبير التشغيل في شركة سبائك، قراءة معمقة لما يجري، محللًا خلفيات القرار المحتمل وتداعياته على السوق العالمية للذهب خلال الأيام المقبلة.
وقال صلاح، في تصريحات تليفزيونية، أن الأسواق العالمية للذهب تمر بواحدة من أكثر مراحلها اضطرابا في السنوات الأخيرة، بعد إعلان البيت الأبيض اعتزامه فرض رسوم جمركية قد تصل إلى 39% على بعض سبائك الذهب المستوردة، في خطوة يرى أنها كفيلة بإعادة رسم خريطة التسعير العالمية للمعدن النفيس وتغيير مسارات الإمداد بين مراكز التكرير الكبرى.
وأوضح صلاح أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فجر موجة من الفوضى في الأسواق بمجرد الإعلان عن هذه النية، ما دفع الأسعار المستقبلية للذهب إلى القفز بشكل حاد متجاوزة الأسعار الفورية بفارق كبير، وهو ما يعكس حجم التوترات التي تسيطر على الاقتصاد العالمي حاليًا، مشيرا إلى أن الفجوة السعرية بين العقود الفورية والمستقبلية وصلت إلى مستويات غير معتادة، نتيجة تصاعد المخاوف من القيود الجمركية المرتقبة.
اللعب مع الذهب محفوف بالمخاطر

وبين أن السلطات الجمركية الأمريكية ألمحت إلى إمكانية فرض رسوم تقارب 40% على السبائك التي تزن كيلوجرامًا واحدا أو 100 أونصة، وهو ما أحدث حالة من الارتباك الشديد بين المستثمرين، لا سيما أولئك الذين تحوطوا ضد الدولار خلال الفترة الماضية مع تراجعه الملحوظ.
وأكد خبير التشغيل في شركة سبائك، أن هذا الطرح كان بمثابة اختبار لرد فعل السوق، لكنه ينطوي على مجازفة عالية، قائلًا: "اللعب مع الذهب محفوف بالمخاطر، وأي خطوة غير محسوبة قد تربك النظام المالي العالمي".
وأضاف صلاح أن تدفق هذه الأنباء أدى إلى فوضى حقيقية في التداولات، إذ قفز الفارق بين أسعار نيويورك ولندن إلى نحو 90 دولارا، وهو ما دفع الإدارة الأمريكية إلى التراجع جزئيا عن الفكرة خلال الساعات الأخيرة.
الرسوم الجمركية على الذهب لن ترى النور لهذه الأسباب
وتوقع صلاح أن الرسوم الجمركية على الذهب لن ترى النور، مشيرًا إلى أن الذهب سجل بالفعل مستويات قياسية عند 3535 دولارا للأوقية، بفارق قياسي يقترب من 130 دولارا بين الأسعار، وهي فجوة لم تحدث من قبل، ما يجعل تنفيذ القرار أكثر صعوبة.
ولفت إلى أن بنك "جولدمان ساكس" عزز هذه الرؤية في تقرير بحثي صدر الجمعة الماضية، حيث أكد أنه لا توجد مؤشرات عملية على نية واشنطن فرض الرسوم على الذهب، رغم دخول نسبة 10% من الرسوم المضادة حيز التنفيذ منذ أبريل الماضي، مشيرا إلى إبقاء البنك على توقعاته بأن يبلغ السعر الفوري للذهب في لندن 3700 دولار للأوقية بنهاية 2025، مع ترجيح وصوله إلى 4000 دولار بحلول منتصف 2026.
وأعرب خبير التشغيل في شركة سبائك عن استغرابه من تأثير هذه التصريحات على حركة الذهب طوال الشهرين الماضيين، مؤكدا أن المعدن الأصفر نجح سريعًا في استعادة جاذبيته بعد فترة من التذبذب العرضي، ليستأنف مساره التصاعدي مدعوما بزخم قوي، محذرا من أن "أي عبث في أسواق الذهب لن يكون في مصلحة الاقتصاد الأمريكي".

هل يتراجع البيت الأبيض نهائيا عن فرض رسوم على الذهب؟
وبينما تستمر الأسواق العالمية في التقاط أنفاسها مترقبة ما ستسفر عنه الكواليس السياسية والاقتصادية في واشنطن، يظل الذهب في قلب العاصفة، بين ضغوط القرارات المحتملة وتطلعات المستثمرين لتحقيق مكاسب جديدة.
ولكن هناك تساؤلات لازالت تبحث عن إجابة: هل يتراجع البيت الأبيض بشكل قاطع عن فرض الرسوم الجمركية خشية الإضرار بالاقتصاد الأمريكي؟ أم يمضي قدما في اختبار قدرات السوق على التكيف مع الفجوات السعرية القياسية؟ وماذا سيكون أثر ذلك على اتجاهات الذهب خلال الشهور المقبلة؟.. هذا ما ستكشف عنه الأيام القليلة المقبلة.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.