شهدت مصر انتشاراً متزايداً لجرائم النصب والاحتيال والتزوير، والتي اتخذت أشكالاً متعددة تراوحت بين الأساليب التقليدية مثل تزوير المحررات الرسمية والشهادات الدراسية، والاحتيال المباشر بادعاء النفوذ، إلى الأساليب الحديثة التي تعتمد على إنشاء صفحات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي لاستدراج المواطنين.
هذه الجرائم لا تهدد الضحايا بشكل فردي فقط، بل تمثل خطراً على الأمن القومي والاقتصاد الوطني وثقة المواطنين في مؤسسات الدولة.
وتدرك وزارة الداخلية المصرية أن مواجهة هذه الجرائم تحتاج إلى استراتيجية شاملة، تجمع بين الرصد الإلكتروني، والتحريات الميدانية، واستخدام التكنولوجيا الحديثة، والتعاون بين مختلف قطاعات الأمن.
ولذلك، كثفت الوزارة من حملاتها الأمنية الموجهة ضد أوكار النصب والاحتيال في مختلف المحافظات، خاصة القاهرة، التي تمثل بيئة خصبة لانتشار هذه الجرائم نظراً لكثافة سكانها وتنوع أنشطة المواطنين.
وفي هذا السياق، نفذت أجهزة الأمن عدة عمليات نوعية ناجحة اليوم أسفرت عن ضبط عصابات تخصصت في تزوير الشهادات والمحررات الرسمية، وضبط نصابين استغلوا حلم السفر للعمل بالخارج للإيقاع بضحاياهم، وضبط متهمين أوهموا مواطنين بقدرتهم على تخصيص أراضٍ وهمية مقابل مبالغ مالية، إلى جانب لص محترف استهدف السيدات وسرق مشغولاتهن الذهبية.
هذه النجاحات الأمنية تعكس يقظة رجال الداخلية واعتمادهم على أحدث التقنيات، حيث لعبت الأدلة الرقمية وتحليل بيانات الهواتف المحمولة دوراً محورياً في كشف خيوط بعض القضايا.
كما أن الوزارة تؤكد دائماً أن مواجهة جرائم النصب والتزوير لا تقل أهمية عن مواجهة الجرائم الإرهابية، إذ أن العائدات المالية غير المشروعة قد ترتبط أحياناً بأنشطة إجرامية أوسع مثل غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
أبرز وقائع بيانات وزارة الداخلية
وفيما يلي نستعرض أبرز هذه الوقائع كما وردت في بيانات وزارة الداخلية، مع تحليل لأبعادها من خلال آراء خبراء أمنيين وقانونيين واجتماعيين.
زوروا شهادات التخرج.. الداخلية تضبط عصابة تزوير المحررات الرسمية بالوايلي
نجحت أجهزة وزارة الداخلية بالقاهرة في إحكام السيطرة على نشاط إجرامي خطير، حيث تمكنت من ضبط شخصين، أحدهما له معلومات جنائية، تورطا في تزوير المحررات الرسمية والشهادات الدراسية والكارنيهات مقابل مبالغ مالية بمنطقة الوايلي.
وبعد تقنين الإجراءات، عثرت القوات بحوزتهما على عدد من الشهادات الدراسية المزورة، وكارنيهات مقلدة، وختمين حكوميين مزورين، بالإضافة إلى الأجهزة والأدوات المستخدمة في عمليات التزوير.
وبمواجهتهما، اعترف المتهمان بمزاولة نشاطهما الإجرامي، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة وإحالتهما للنيابة العامة.
الداخلية تكشف نصاباً بالقاهرة استغل صفحات وهمية للنصب على راغبي السفر
في إطار جهود مكافحة جرائم التزوير والنصب، تمكنت الإدارة العامة لمكافحة جرائم الأموال العامة من ضبط أحد الأشخاص بالقاهرة، له معلومات جنائية، تورط في قضايا تزوير محررات رسمية والنصب على المواطنين الراغبين في السفر للعمل بالخارج.
وكشفت التحريات أن المتهم أنشأ وأدار صفحات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لعقود عمل مزورة خارج البلاد، والاستيلاء على أموال المواطنين.
وعقب تقنين الإجراءات، تم ضبطه بدائرة قسم شرطة السلام أول، وعُثر بحوزته على عدد من جوازات السفر، عقد عمل مزور خالٍ من البيانات، مبالغ مالية، وهاتف محمول يحوي أدلة رقمية.
وبمواجهته، اعترف بممارسة نشاطه الإجرامي وتمت إحالته للنيابة العامة.
ضبط متهم أوهم ضحاياه بقدرات وهمية على تخصيص أراضٍ بالقاهرة
تلقت الإدارة العامة لمكافحة جرائم الأموال العامة بلاغاً من مواطن بمحافظة بورسعيد، أفاد فيه بتعرضه للنصب من شخص ادعى – على خلاف الحقيقة – قدرته على تخصيص قطعة أرض بالقاهرة.
وبعد إجراء التحريات، تم تحديد وضبط المتهم – عاطل مقيم بالقاهرة – وبمواجهته اعترف بنشاطه الإجرامي، مؤكداً أنه استولى على أموال الضحايا دون ردها أو تنفيذ وعوده.
سرقة مشغولات ذهبية.. الداخلية تسقط لصاً محترفاً استهدف السيدات بالقاهرة
نجحت أجهزة وزارة الداخلية في كشف ملابسات واقعة سرقة مشغولات ذهبية من إحدى السيدات بالقاهرة، بعد أن تقدم ذووها ببلاغ يفيد بسرقة حليها الذهبية بالمغافلة.
وبالفحص والتحريات، تبين أن وراء الواقعة شخص عاطل له معلومات جنائية، تمكن من سرقة الضحية بعد إيهامها بمساعدتها. وبمواجهته، اعترف المتهم بارتكابه الجريمة و4 وقائع مشابهة استهدفت سيدات مسنات.
وبإرشاده، تمكنت الشرطة من ضبط كافة المسروقات لدى صاحب محل مصوغات "حسن النية"، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية.
التكنولوجيا الحديثة سلاح الداخلية في مواجهة جرائم النصب والتزوير
اعتمدت وزارة الداخلية على أحدث الوسائل التكنولوجية في رصد هذه الجرائم، ومنها:
تتبع الحسابات المزيفة على الإنترنت.
تحليل الهواتف المحمولة وأجهزة الحاسب الآلي المضبوطة.
مطابقة البيانات الرقمية مع الشكاوى والبلاغات.
استخدام قواعد بيانات حديثة للكشف عن سوابق المتهمين.
هذه الأدوات ساعدت بشكل مباشر في كشف شبكات النصب مبكراً، وتحديد هويات المتهمين، ومنع توسع نشاطهم الإجرامي.
خطورة جرائم النصب والاحتيال على المجتمع
اللواء جمال أبو زيد – خبير أمني، يؤكد أن الوزارة تعتبر جرائم التزوير والنصب تهديداً للأمن القومي، لأن عائداتها المالية قد تُستغل في تمويل أنشطة خطيرة مثل غسل الأموال أو دعم الإرهاب.
وأوضح المستشار طارق عبد الحميد – الخبير قانوني، أن قانون العقوبات المصري يعاقب على جرائم التزوير بالسجن المشدد لعدة سنوات، وعلى جرائم النصب بالحبس مع الشغل ورد الأموال، وهو ما يمثل رادعاً قانونياً قوياً.
وأشارت الدكتورة إيمان الشافعي – الخبيرة الاجتماعية، أن ضحايا هذه الجرائم غالباً ما يكونون من الفئات الباحثة عن فرص عمل أو تحسين أوضاعهم، وأن الوعي المجتمعي والتثقيف الأمني هما خط الدفاع الأول بجانب الإجراءات الشرطية.
تثبت هذه الضبطيات الأخيرة أن وزارة الداخلية المصرية لا تترك مجالاً للعناصر الإجرامية لاستغلال المواطنين، وأنها قادرة على التصدي لـ جرائم النصب والاحتيال والتزوير مهما تنوعت أساليبها. وبفضل الجمع بين العمل الميداني والتقنيات التكنولوجية الحديثة، نجحت الداخلية في حماية المواطنين وصون مقدرات الدولة، مؤكدة أن معركتها مع الجريمة مستمرة ولن تعرف التهاون.



