في ظل التحديات البيئية المتزايدة التي يواجهها العالم، تبرز مشكلة التصحر وتدهور الأراضي الزراعية كإحدى القضايا المصيرية التي تهدد أمن الشعوب واستقرار المجتمعات، خاصة في الدول التي تعتمد بشكل رئيسي على الزراعة كمصدر للغذاء والدخل القومي.
وتؤكد التقارير الصادرة عن الهيئات الدولية المعنية بالبيئة والتي رصدها تحيا مصر، أن أكثر من 40% من الأراضي الزراعية حول العالم معرضة لخطر التصحر، ما يشكل تهديداً مباشراً على الأمن الغذائي العالمي، ويؤثر سلباً على حياة ما يزيد عن مليار نسمة يعيشون في مناطق تعاني من الجفاف وتراجع الإنتاج الزراعي.
أسباب التصحر:
يرجع التصحر إلى مجموعة من العوامل الطبيعية والبشرية، يأتي على رأسها الاحتباس الحراري وتغير المناخ، الذي أدى إلى ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض معدلات الأمطار، إضافة إلى الأنشطة البشرية غير المستدامة مثل الإفراط في الرعي، والزراعة المكثفة، وإزالة الغابات، واستخدام أساليب ري تقليدية تستنزف المياه وتُملّح التربة. كما ساهم الزحف العمراني العشوائي في استهلاك آلاف الأفدنة من الأراضي الزراعية الخصبة، خاصة في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
الآثار السلبية للتصحر:
تدهور الإنتاج الزراعي وفقدان خصوبة التربة، مما يؤدي إلى نقص الغذاء وارتفاع أسعاره.
فقدان التنوع البيولوجي، بسبب تراجع الغطاء النباتي وهجرة الكائنات الحية من البيئات المتدهورة.
هجرة السكان من الريف إلى المدن بحثًا عن مصادر رزق بديلة، مما يؤدي إلى تفاقم أزمات الإسكان والخدمات في المناطق الحضرية.
ازدياد معدلات الفقر والبطالة، لا سيما بين المزارعين والعاملين في القطاع الزراعي.
ضغوط اقتصادية واجتماعية على الدولة نتيجة ارتفاع تكلفة استيراد الغذاء ومكافحة التدهور البيئي.
جهود الدولة المصرية:
انطلاقًا من إدراكها لحجم التهديد، تبذل الدولة المصرية جهودًا كبيرة لمواجهة التصحر والحفاظ على الرقعة الزراعية، من خلال:
تنفيذ مشروعات قومية للتشجير واستصلاح الأراضي في مختلف المحافظات.
التوسع في استخدام أنظمة الري الحديثة التي تقلل الفاقد وتزيد من كفاءة استخدام المياه.
إطلاق برامج توعوية للمزارعين حول الزراعة المستدامة وأساليب الحفاظ على التربة.
التصدي للتعدي على الأراضي الزراعية بكل حزم، ضمن استراتيجية شاملة لحماية الموارد الطبيعية.
تعزيز التعاون مع المنظمات الدولية والإقليمية المتخصصة في مكافحة التصحر والتغير المناخي.
دعوة لتحرك جماعي:
تؤكد الدولة أن التصحر لا يهدد الأراضي فحسب، بل يُشكل تحديًا لأمن الأجيال القادمة، ويتطلب تضافر الجهود الحكومية والمجتمعية والدولية لمواجهته بوعي واستراتيجية واضحة. وتدعو الدولة إلى تكاتف كافة القطاعات المعنية من أجل الحفاظ على البيئة، وضمان استدامة الموارد الطبيعية، وتحقيق تنمية زراعية واقتصادية متوازنة.