على مدى ساعتين و45 دقيقة، تبادل الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي دونالد ترامب أطول جلسة حوار مباشر بين زعيمي البلدين منذ سنوات، في قمة انعقدت بمدينة أنكوراج بولاية ألاسكا الأمريكية أقرب نقطة جغرافية بين روسيا والولايات المتحدة.
لقاء استثنائي حمل رسائل سياسية عميقة، إذ تجاوز النقاش الملفات التقليدية ليلامس جوهر الأزمة الأوكرانية ومستقبل العقوبات والعلاقات الثنائية، وسط اهتمام عالمي بما إذا كانت هذه السويعات قادرة على تغيير مسار مواجهة امتدت لسنوات.
القمة التي وصفت بـ"التاريخية" شهدت مزيجا من المحادثات الثنائية والمواقف الصريحة.. وفي مؤتمر صحفي مشترك، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن اللقاء كان "بناء وشاملا ومفيدا للغاية"، مشددًا على أن الحوار هو السبيل الوحيد لتجاوز حالة العداء التي أوصلت العلاقات الروسية - الأمريكية إلى أدنى مستوياتها منذ الحرب الباردة.
بدوره، وصف ترامب المحادثات بأنها "مثمرة للغاية"، موضحا في الوقت ذاته أنه تم الاتفاق على العديد من النقاط، لاسيما المتعلقة بالأزمة الأوكرانية، وإن ظلت بعض الملفات عالقة.
وفيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية والتي كانت محورا رئيسيا في النقاشات، شدد بوتين على أن أي تسوية لا بد أن تكون طويلة الأمد ومستندة إلى معالجة جذور الأزمة، معتبرا أوكرانيا جزءا من الأمن القومي الروسي.
أما ترامب، فأكد أن إنهاء القتال أولوية مشتركة، معلنا أن ترتيبات جارية لعقد لقاء ثلاثي يضم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إلى جانب بوتين وترامب،مشددا على أن الكرة الآن في ملعب زيلينسكي، داعيا الدول الأوروبية إلى الانخراط بشكل أكبر في دعم أي اتفاق محتمل.
أما ملف العقوبات، فقد بدا ترامب أقل حدة مما كان متوقعا، مكتفيا بالقول إنه لا يرى حاجة للتفكير فيه "في الوقت الحالي"، ما فسره مراقبون بأنه تلميح لإمكانية تخفيف القيود إذا تحقق تقدم على صعيد التسوية.
وفي ملف الأسرى، كشف ترامب عن وعود روسية بإطلاق سراح آلاف السجناء، في خطوة اعتبرها مؤشرا عمليا على جدية موسكو في الدفع نحو تهدئة إنسانية موازية للمسار السياسي.
القمة اتسمت بأجواء وصفت بـ"الممتازة"، إذ منح ترامب اللقاء تقييما بـ"عشرة من عشرة"، في حين أكد بوتين أن الحوار المباشر مع واشنطن خطوة لا بد منها لتجنب المواجهة وإحياء قنوات التعاون بعد سنوات من القطيعة.
قمة ألاسكا لم تضع نهاية للأزمة الأوكرانية، لكنها فتحت نافذة أمل وسط ضباب الحرب.. ما بين رسائل بوتين حول ضرورة "قلب الصفحة" ورغبة ترامب في "تحقيق تقدم هائل"، يظل السؤال المطروح هو هل تكون هذه القمة بداية مسار جديد نحو التفاهم، أم مجرد محطة عابرة في تاريخ طويل من الشد والجذب بين موسكو وواشنطن؟.