خلص فريق محققين تابع للأمم المتحدة في تقرير صدر اليوم الخميس، إلى أن جرائم حرب ارتكبت على الأرجح من جانب كل من قوات الحكومة السورية الجديدة والمسلحين الموالين للرئيس السابق بشار الأسد خلال أعمال عنف طائفي واسعة النطاق اندلعت في منطقة الساحل السوري، والتي بلغت ذروتها بسلسلة من عمليات القتل في مارس 2025.
وأفاد تقرير صادر عن لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة في سوريا بمقتل نحو 1400 شخص، معظمهم من المدنيين، خلال أعمال العنف التي استهدفت في المقام الأول الطائفة العلوية، ولا تزال التقارير عن الانتهاكات تتوالى.
وأوردت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة أن أعمال العنف التي ارتكبها أعضاء قوات الحكومة الموقتة والأفراد الذين يعملون معها أو بجانبها اتبعت نمطا منهجيا في مواقع متعددة وواسعة الانتشار.
واستنتجت ارتكاب أفعال قد ترقى إلى جرائم حرب خلال أعمال العنف التي شملت القتل والتعذيب وأفعال لا إنسانية متعلقة بمعاملة الموتى، والنهب على نطاق واسع وحرق المنازل.
وأوضحت اللجنة في الوقت ذاته أنها لم تجد أي دليل على وجود سياسة أو خطة حكومية لتنفيذ مثل هذه الهجمات.
وقال رئيس اللجنة باولو سيرجيو بينهيرو إن «حجم ووحشية العنف الموثق في تقريرنا أمر مقلق للغاية»، داعيا السلطات المؤقتة إلى ملاحقة جميع الجناة، بغض النظر عن انتماءاتهم أو رتبهم.
وأعربت لجنة التحقيق عن قلقها لاستمرار تلقيها معلومات عن انتهاكات مستمرة بما في ذلك اختطاف نساء واعتقالات تعسفية.
وحضّت المفوضة لين ويلشمان السلطات على اتخاذ إجراءات عاجلة لزيادة حماية المجتمعات المتضررة، وفصل الأفراد المشتبه في تورطهم على الفور من الخدمة الفعلية بانتظار التحقيق.
وتمكنت لجنة تحقيق وطنية كلفتها السلطات من توثيق مقتل 1426 علويا بينهم تسعون امرأة. وقالت قبل نحو شهر إنها تحققت من انتهاكات جسيمة، وحدّدت 298 من المشتبه بتورطهم فيها.
ولفتت اللجنة إلى أن زارت 33 موقعا وعاينت المقابر خلال تحقيقاتها، وعقدت لقاءات مع عشرات الشخصيات واستمعت لعشرات الشهادات، موضحا «استمعنا إلى 23 إفادة من مسؤولين في جهات رسمية، وإلى 938 إفادة للشهود من مختلف العائلات»، فيما تم التكتم على أسماء بعض الشهود بناء على طلبهم.
وأضاف أن اللجنة الوطنية رصدت أكثر من 480 حالة حرق منازل ومتاجر، وأن 238 من عناصر الأمن والجيش قتلوا وبعضهم كانوا أسرى، قائلا «فلول الأسد حاولت سلخ الساحل عن الدولة وهويتها».
وكانت أحداث منطقة الساحل أسوأ أعمال عنف شهدتها سوريا منذ سقوط بشار الأسد العام الماضي، مما دفع الحكومة المؤقتة إلى تشكيل لجنة لتقصي الحقائق.
وشهدت منطقة الساحل بدءا من السادس من مارس ولثلاثة أيام، أعمال عنف على خلفية طائفية، اتهمت السلطات مسلحين موالين للرئيس المخلوع بشار الأسد بإشعالها عبر شنّ هجمات دامية أودت بالعشرات من عناصرها.
وأرسلت السلطات على إثرها تعزيزات عسكرية إلى المنطقة، شملت مئتي ألف مقاتل.
وبحسب منظمات حقوقية ودولية وشهادات ناجين، فقد قضت عائلات بأكملها في أعمال العنف التي شهدت إعدامات ميدانية.
واقتحم مسلحون منازل وسألوا قاطنيها عما إذا كانوا علويين أو سنّة، قبل قتلهم أو تركهم وشأنهم.
وتُركت جثث في الشوارع لأيام، ومُنعت العائلات من دفنها وفقا للطقوس الدينية، بينما دفن آخرون في مقابر جماعية دون توثيق سليم.